ذكر استيلاء السلطان ألب أرسلان على حلب
قال ابن الأثير : في هذه السنة سار السلطان ألب أرسلان إلى حلب وجعل طريقه على ديار بكر ، فخرج إليه صاحبها نصر بن مروان وخدمه بمائة ألف دينار وحمل إليه إقامة عرف السلطان أنه قسطها على البلاد ، فأمر بردها ، ووصل إلى آمد فرآها ثغرا منيعا فتبرك به وجعل يمر يده على السور ويمسح بها صدره ، وسار إلى الرها فحصرها فلم يظفر منها بطائل ، فسار إلى حلب وقد وصلها نقيب النقباء أبو الفوارس طراد بالرسالة القائمية والخلع ، فقال له محمود صاحب حلب : أسألك الخروج إلى السلطان واستعفاءه لي من الحضور عنده ، فخرج نقيب النقباء وأخبر السلطان بأنه قد لبس الخلع القائمية وخطب فقال : أي شيء تساوي خطبتهم وهم يؤذنون ( حي على خير العمل ) ولا بد من الحضور ودوس بساطي ، فامتنع محمود من ذلك ، فاشتد الحصار على البلد وغلت الأسعار وعظم القتال ، وزحف السلطان يوما وقرب من البلد فوقع حجر منجنيق في فرسه ، فلما عظم الأمر على محمود خرج ليلا ومعه والدته منيعة بنت وثاب النميري فدخلا على السلطان وقالت له : هذا ولدي فافعل به ما تحب ، فتلقاهما بالجميل وخلع على محمود وأعاده إلى بلده ، فأنفذ إلى السلطان مالا جزيلا.
وعاد السلطان من حلب إلى أذربيجان اه.
سنة ٤٦٥
قال في المختار من الكواكب المضية : وفي سنة خمس وستين وأربعمائة وفد أبو الفتيان بن حيوس الشاعر المشهور وقد جلس الأمير عز الدولة محمود في مجلسه وأمر بإحضار الشراب ، فشرب أقداحا ثم قال : ارفعوا الشراب فإن ابن حيوس يحضرني ممتدحا وفي نفسي أن أهب له ، فإن كان الشراب في مجلسي قيل وهب وهو سكران ، فرفع الشراب وحضر ابن حيوس وأنشده قصيدته فيه التي أولها : ( قفوا في الفلا حيث انتهيتم تذمما ) فوهب له ألف دينار في طبق فضة ، وسنذكر أبياتا من هذه القصيدة في ترجمة ابن حيوس المذكور.