عنهم وثانيا من منعهم عن قتل الفرنج ، وتمت الهزيمة عليهم ولم يضرب أحد منهم بسيف ولا طعن برمح ولا رمي بسهم ، وآخر من انهزم سقمان بن أرتق وجناح الدولة لأنهما كانا في الكمين ، وانهزم كربوقا معهم ، فلما رأى الفرنج ذلك ظنوه مكيدة إذ لم يجر قتال ينهزم من مثله وخافوا أن يتبعوهم وثبت جماعة من المجاهدين وقاتلوا حسبة وطلبا للشهادة ، فقتل الفرنج منهم ألوفا وغنموا ما في العسكر من الأقوات والأموال والأثاث والدواب والأسلحة فصلحت حالهم وعادت إليهم قوتهم.
سنة ٤٩٢
ذكر ملك الفرنج معرة النعمان
قال ابن الأثير : لما فعل الفرنج بالمسلمين ما فعلوا سار إلى معرة النعمان فنازلوها وحصروها وقاتلهم أهلها قتالا شديدا ، ورأى الفرنج منهم شدة ونكاية ولقوا منهم الجد في حربهم والاجتهاد في قتالهم ، فعملوا عند ذلك برجا من خشب يوازي سور المدينة ووقع القتال عليه فلم يضر المسلمين ذلك ، فلما كان الليل خاف قوم من المسلمين وتداخلهم الفشل والهلع وظنوا أنهم إذا تحصنوا ببعض الدور الكبار امتنعوا بها ، فنزلوا من السور وأخلوا الموضع الذي كانوا يحفظونه ، فرآهم طائفة أخرى ففعلوا كفعلهم فخلا مكانهم أيضا من السور ولم تزل تتبع طائفة منهم التي تليها في النزول حتى خلا السور ، فصعد الفرنج إليه على السلاليم ، فلما علوه تحير المسلمون ودخلوا دورهم ، فوضع الفرنج فيهم السيف ثلاثة أيام (١) فقتلوا ما يزيد على مائة ألف وسبوا السبي الكثير وملكوه وأقاموا أربعين يوما ، وساروا إلى عرقة فحصروها أربعة أشهر ونقبوا سورها عدة نقوب فلم يقدروا عليها ، وراسلهم منقذ صاحب شيزر فصالحهم عليها ، وساروا إلى حمص وحصروها فصالحهم صاحبها جناح الدولة ، وخرجوا على طريق النواقير إلى عكا فلم يقدروا عليها.
__________________
(١) قال ابن الوردي في تتمة المختصر : وفي ذلك يقول بعض المعريين وما أحسن ما جادت تورية الاثنين والخميس والأحد
معرة الأذكياء قد حردت |
|
عنا وحق المليحة الحرد |
في يوم الاثنين كان موعدهم |
|
فما نجا من خميسهم أحد |