زيادة بيان لهذه الحوادث :
قال ابن العديم : في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة عصى عمر والي أعزاز على الملك رضوان ، فخرج عسكر حلب وحصره فاستنجد بالفرنج ، فوصل صنجيل بعسكر كبير ، فعاد عسكر حلب فنهب صنجيل ما قدر عليه وعاد إلى أنطاكية وأخذ ابن عمر رهينة فمات عنده ، فوقع الملك رضوان على عمر إلى أن أخذه الله من تل هراق فسلم إليه أعزاز وأقام عنده بحلب مدة ثم قتله.
وخرج صنجيل في ذي الحجة وحصر البارة فقل الماء فأخذها بالأمان وغدر بأهلها وعاقب الرجال والنساء واستصفى أموالهم وسبى بعضا وقتل بعضا ، ثم خرج بقية الفرنج من أنطاكية والأرمن الذين في طاعتهم والنصارى وانضموا إليه ووصلوا إلى معرة النعمان لليلتين بقيتا من ذي الحجة في مائة ألف وحصروا معرة النعمان في سنة اثنتين وتسعين وقطعوا الأشجار ، واستغاث أهلها بالملك رضوان وجناح الدولة فلم ينجدهم أحد ، وعمل الفرنج برجا من خشب يحكم على السور وزحفوا إلى البلد وقاتلوه من جميع نواحيه حتى لصق البرج بالسور ، فكشفوه وأسندوا السلالم إلى السور وثبت الناس في الحرب من الفجر إلى صلاة المغرب ، وقتل على السور وتحته خلق كثير ، ودخلوا البلد بعد المغرب ليلة الأحد الرابع والعشرين من محرم سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة ، ودخل عسكر الفرنج جميعه إلى البلد وانهزم بعض الناس إلى دور حصينة وطلبوا الأمان من الفرنج فأمنوهم وقطعوا على كل دار قطيعة واقتسموا الدور وهجموها وناموا فيها وجعلوا يهدّدون الناس حتى أصبح الصبح ، فاخترطوا سيوفهم ومالوا على الناس وقتلوا منهم خلقا وسبوا النساء والصبيان ، وقتل فيها أكثر من عشرين ألف رجل وامرأة وصبي [ وهذا أصح مما ذكره ابن الأثير من أنهم قتلوا مائة ألف ] ولم يسلم إلا القليل ممن كان في شيزر وغيرها من بني سليم وبني أبي حصين وغيرهم ، وقتلوا تحت العقوبة جمعا كثيرا ، فاستخرجوا ذخائر الناس ومنعوا الناس من الماء وباعوه منهم فهلك أكثر الناس من العطش ، وملكوها ثلاثة وثلاثين يوما بعد الهجمة ولم يبقوا ذخيرة بها إلا استخرجوها وهدموا سور البلد وأحرقوا مساجده ودوره وكسروا المنابر ، وعاد ميمند إلى أنطاكية وقمص الرها إليها.
وفي هذه السنة أي سنة ٤٩٢ فتحوا بيت المقدس وفعلوا فيها كما فعلوا بالمعرة اه.