سنة ٤٩٣
قال ابن العديم : في هذه السنة وصل مبارك بن شبل أمير بني كلاب في جمع كثير من العرب فخالف الملك رضوان ورعوا زرع المعرة وكفر طاب وحماة وشيزر والجسر وغير ذلك ، وخلت البلاد ووقع الغلاء في بلد حلب ولم يزرع شيء في بلدها وسلط الله الوباء على العرب فمات شبل ومبارك ولده واضمحلت دولة العرب ، وتوجه الملك رضوان في سلخ رجب من هذه السنة إلى الأثارب وأقام عليها أياما ، وتوجه إلى كلافي الخامس والعشرين من شعبان لإخراج الفرنج منها ، واجتمع من كان في الجزر وزردنا وسرمين من الفرنج والتقوا فانهزم رضوان واستبيح عسكره وقتل خلق كثير وأسر قريب من خمسمائة نفس وفيهم بعض الأمراء ، وعاد الفرنج إلى الجزر وأخذوا برج كفر حلب وبرج الحاضر وصار لهم من كفر طاب إلى الحاضر ومن حلب غربا سوى تل منس ، فإن أصحاب جناح الدولة كانوا بها ، وسار رضوان عقيب هذه النكبة إلى حمص مستنجدا بجناح الدولة فأجابه وعاد إلى حلب ومعه جناح الدولة وقد عاد الفرنج إلى أنطاكية ، فأقام جناح الدولة بظاهر حلب أياما فلم يلتفت إليه رضوان ، فعاد عنه إلى حمص وتجمع الفرنج بالجزر وسرمين وأعمال حلب وجمعوا العدد والغلال لحصار حلب وعولوا على حصارها في سنة خمس وتسعين وقيل قبلها ، ووصل ميمند وطنكريد إلى قريب حلب فنزلوا بالمشرفة من الجانب القبلي على نهر قويق لما بلغهم من ضعف رضوان وتمزيق عسكره وعزموا أن يبنوا مشهد قرنبيا حصونا وأن يقيموا على حلب ويستغلوا بلدها ، فأقاموا في تدبير ذلك يوما أو يومين ، فبلغهم خروج أنوشتكين الدانشمند وأنه قد نازل بعض معاقل الفرنج وهي ملطية ، فعادوا للدفع عنها فخرج الدانشمند فلقي ميمند وجمعا من الفرنج بأرض مرعش فأسره وقتل عسكره ولم يفلت منهم أحد ، فخيب الله ظن الفرنج وهربوا من أعمال حلب وتركوا ما كانوا أعدوه.
فخرج رضوان وأخذ الغلال التي جمعوها ونزل سرمين ، وسار جناح الدولة إلى أسفونا وبه جماعة من الفرنج فهجمه وقتل جميع من فيه ، وسار إلى سرمين فكبس عسكر الملك رضوان ونهبه ، وانهزم رضوان وأكثر عسكره وأسر الوزير أبا الفضل بن الموصول وجماعة وحملهم إلى حمص ، وطلب الحكيم المنجم الباطني فلم يظفر به ، وكان هذا الحكيم