عاد عياض إلى الرقة ومضى إلى حمص فمات سنة عشرين. واستعمل عمر سعيد بن عامر ابن حذيم فلم يلبث إلا قليلا حتى مات فاستعمل عمير بن سعد الأنصاري.
ذكر عزل خالد بن الوليد
قال ابن الأثير : في هذه السنة وهي سنة سبع عشرة عزل خالد بن الوليد عما كان عليه من التقدم على الجيوش والسرايا ، وسبب ذلك أنه كان أدرب هو وعياض بن غنم فأصابا أموالا عظيمة ، وكانا توجها من الجابية مرجع عمر إلى المدينة وعلى حمص أبو عبيدة وخالد تحت يده على قنسرين وعلى دمشق يزيد وعلى الأردن معاوية وعلى فلسطين علقمة بن مخرز وعلى الساحل عبد الله بن قيس ، فبلغ الناس ما أصاب خالد فانتجعه رجال وكان منهم الأشعث بن قيس فأجازه بعشرة آلاف ، ودخل خالد الحمام فتدلك بغسل فيه خمر فكتب إليه عمر : بلغني أنك تدلكت بخمر وإن الله قد حرم ظاهر الخمر وباطنه ومسه فلا تمسوها أجسادكم ، فكتب إليه خالد : إنا فتنّاها فعادت غسولا غير خمر ، فكتب إليه عمر : إن آل المغيرة ابتلوا بالجفاء فلا أماتكم الله عليه.
فلما فرق خالد في الذين أنتجوه الأموال سمع بذلك عمر بن الخطاب وكان لا يخفى عليه شيء من عمله ، فدعا عمر البريد فكتب معه إلى أبي عبيدة أن يقيم خالدا ويعقله بعمامته وينزع عنه قلنسوته حتى يعلمكم من أين أجاز الأشعث أمن ماله أم من مال إصابة أصابها ، فإن زعم أنه فرقه من إصابة أصابها فقد أقر بخيانة وإن زعم أنه من ماله فقد أسرف وأعزله على كل حال وأضمم إليك عمله ، فكتب أبو عبيدة إلى خالد ( قدمنا أن عمر رضياللهعنه ولاه قنسرين ) فقدم عليه ثم جمع الناس وجلس لهم على المنبر فقام البريد فسأل خالدا من أين أجاز الأشعث فلم يجبه وأبو عبيدة ساكت لا يقول شيئا ، فقام بلال فقال : إن أمير المؤمنين أمر فيك بكذا وكذا ، ونزع عمامته فلم يمنعه سمعا وطاعة ووضع قلنسوته ثم أقامه فعقله بعمامته وقال : من أين أجزت الأشعث من مالك أجزت أم من إصابة أصبتها ؟ فقال : بل من مالي ، فأطلقه وأعاد قلنسوته ثم عممه بيده ثم قال : نسمع ونطيع لولاتنا ونفخم ونخدم موالينا ، وأقام خالد متحيرا لا يدري أمعزول أم غير معزول ولا