وخرج عبد الله بن عتبان على الموصل إلى نصيبين فلقوه بالصلح وصنعوا كصنع أهل الرقة فكتبوا إلى عياض فقبل منهم وعقد لهم.
وخرج الوليد بن عقبة فقدم على عرب الجزيرة فنهض معه مسلمهم وكافرهم إلا إياد ابن نزار فإنهم دخلوا أرض الروم ، فكتب الوليد بذلك إلى عمر ، ولما أخذوا الرقة ونصيبين ضم عياض إليه سهيلا وعبد الله وسار بالناس إلى حران فلما وصل أجابه أهلها إلى الجزية فقبل منهم ثم إن عياضا سرّح سهيلا وعبد الله إلى الرها فأجابوهما إلى الجزية وأجروا كل ما أخذوه من الجزية عنوة مجرى الذمة ، فكانت الجزيرة أسهل البلدان فتحا ، ورجع سهيل وعبد الله إلى الكوفة.
وقال ابن إسحق : إن فتح الجزيرة كان سنة تسع عشرة على يد عياض بن غنم ( أي بعد وفاة أبي عبيدة ) وأطال في بيان ذلك.
ثم قال ابن الأثير : وقيل إن أبا عبيدة لما توفي استخلف عياضا فورد عليه كتاب عمر بولاية حمص وقنسرين والجزيرة سنة ثمان عشرة للنصف من شعبان في خمس آلاف فارس وعلى ميمنته سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي وعلى ميسرته صفوان بن المعطل وعلى مقدمته هبيرة بن مسروق ، فانتهت طليعة عياض إلى الرقة فأغاروا على الفلاحين وحصروا المدينة وبث عياض السرايا فأتوه بالأسرى والأطعمة وكان حصرها ستة أيام فطلب أهلها الصلح فصالحهم على أنفسهم وذراريهم وأموالهم ومدينتهم ، وقال عياض : الأرض لنا قد وطئناها وملكناها ، فأقرها في أيديهم على الخراج ووضع الجزية ، ثم سار إلى حران فجعل عليها عسكرا يحصرها عليهم صفوان بن المعطل وحبيب بن مسلمة وسارهو إلى الرها فقاتله أهلها ثم انهزموا وحصرهم المسلمون في مدينتهم فطلب أهلها الصلح فصالحهم وعاد إلى حران فوجد صفوان وحبيبا قد غلبا على حصون وقرى من أعمال حران فصالحه أهلها على مثل صلح الرها ، وكان عياض يغزو ويعود إلى الرها. وفتح سميساط وأتى سروج ورأس كيفا والأرض البيضاء فصالحه أهلها على صلح الرها ثم إن أهل سميساط غدروا فرجع إليهم عياض فحاصرهم حتى فتحها ثم أتى قريات على الفرات وهي جسر منبج وما يليها ففتحها. ثم سرد ابن الأثير بقية فتوحاته فيما وراء ذلك من بلاد الجزيرة إلى أن قال : ثم