وفي سنة ثلاثماية وثلاث وثلاثين أتى الإمبراطور يوليانس من أنطاكية إلى حلب لمحاربة العجم في منبج وكان بطرك حلب حينئذ يقال له أنطوليكس.
وفي سنة أربعمائة واثنتين وثلاثين صار في حلب مجمع من الأساقفة الشرقية وكان به البطرك أكايس ، وفي سنة خمسماية وأربعين حاربت العجم الملك كيروبس النشرواني في أنطاكية وحلب وقنسرين ومنبج وملكتها الأعاجم وأحرقت منبج وأنطاكية وقنسرين ، وأما حلب فإن بطركها ميكاس صالحهم على دراهم دفعها لهم فتركوها.
ثم إن الملك كيروبس جدد بناء ما تهدم من سورها وقت المحاربة وذلك من باب الجنين إلى باب النصر وكان بناؤه من الحجر القرميد الغليظ وعمر بالقرب من باب أنطاكية بيتا لأجل النار فإنه كان ممن يعبدونها فاشتملت وقتئذ المدينة على أربعة أنواع من الديانات حسب الفرق التي كانت فيها وهي اليهود والنصارى وعبدة الأوثان وعبدة النار ، ثم بعد أن أحرق البلاد المذكورة وعمر سوق حلب رجع إلى بلاد العجم من طريق مسكنة ، ولا يخفى ما صادف هذه المملكة من ذلك التاريخ إلى بعد برهة مائة سنة أي إلى حين ما افتتحها العرب في تاريخ سنة ستماية وثلاث وثلاثين وأخذوها من يد الإمبراطور هرقل من المحاربة وشن الغارات عليها ، وهذا هو المانع من اتساع ساحتها ونشاط أهلها. اه.
ذكر ملوك الروم في البلاد السورية عند ظهور الإسلام
قال المسعودي في مروج الذهب : وجدت في كتب التواريخ تنازعا في مولد النبي صلىاللهعليهوسلم وفي عصر من كان من ملوك الروم ، فمنهم من ذهب إلى ما قدمناه من مولده وهجرته ، ومنهم من رأى أن مولده عليه الصلاة والسلام كان في ملك نوسطورس الأول وكان ملكه تسعا وعشرين سنة ( ثم ملك نوسطورس ) وكان ملكه عشرين سنة ( ثم ملك بعده هرقل بن منطيوس ) وهو الذي في كتب الزيجات والنجوم وعليه يعمل أهل الحساب. وفي تواريخ ملوك الروم ممن سلف وخلف أن ملك الروم كان في وقت ظهور الإسلام وأيام أبي بكر وعمر هرقل ، وفي تواريخ أصحاب السير أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم هاجر وملك الروم قيصر بن مورق ثم ملك بعده قيصر بن قيصر وذلك في أيام أبي بكر الصديق رضي الله