أنطاكية ، فأشار قرعويه على سعد الدولة بالخروج من حلب ، فلما خرج قال له أهل حلب : لا يريدونك فامض إلى والدتك ، فمضى إلى ميافارقين ، واستولى قرعويه على حلب في المحرم سنة ثمان وخمسين هو ومولاه بكجور الحاجبي ، وكتب اسمه مدة على السكة ودعي له على المنابر.
ولاية قرعويه غلام سيف الدولة سنة ٣٥٨
قال له ابن الأثير : في هذه السنة دخل ملك الروم الشام لم يمنعه أحد ولا قاتله ، فسار في البلاد إلى طرابلس وأحرق بلدها وحصر قلعة عرقة ، فملكها ونهبها وسبى من فيها ، إلى أن قال : وأقام في الشام شهرين يقصد أي موضع شاء ، وأراد أن يحصر أنطاكية وحلب فبلغه أن أهلها قد أعدوا الذخائر والسلاح وما يحتاجون إليه ، فامتنع من ذلك وعاد ، وكان بحلب قرعويه غلام سيف الدولة بن حمدان وقد أخرج أبا المعالي بن سيف الدولة منها على ما نذكره ، فصانع الروم عليها فعادوا إلى بلادهم.
قال : ولما أخرج قرعويه غلام سيف الدولة أبا المعالي شريف بن سيف الدولة بن حمدان سار أبو المعالي إلى حران فمنعه أهلها من الدخول إليهم ، فطلب منهم أن يأذنوا لأصحابه أن يدخلوا ويتزودوا منها يومين ، فأذنوا لهم ، ودخل إلى والدته بميافارقين وهي ابنة سعيد بن حمدان وتفرق عنه أكثر أصحابه ، ومضوا إلى أبي تغلب بن حمدان ، فلما وصل إلى والدته بلغها أن غلمانه وكتابه قد عملوا على القبض عليها وحبسها كما فعل أبو تغلب بأبيه ناصر الدولة ، فأغلقت أبواب المدينة ومنعت ابنها من دخولها ثلاثة أيام حتى أبعدت من تحب إبعاده واستوثقت لنفسها ، وأذنت له ولمن بقي معه في دخول البلد ، وأطلقت له الأرزاق ، وبقيت حران لا أمير عليها ، ولكن الخطبة فيها لأبي المعالي بن سيف الدولة ، وفيها جماعة من مقدمي أهلها يحكمون فيها ويصلحون من أمور الناس ، ثم إن أبا المعالي عبر الفرات إلى الشام وقصد حماة فأقام بها.