قد أفسد ما بينه وبين رضوان واستمال رضوان إلى الباطنية جدا وظهر مذهبهم في حلب ، وشايعهم رضوان وحفظ جانبهم وصار لهم بحلب الجاه العظيم والقدرة الزائدة وصارت لهم دار الدعوة بحلب في أيامه ، وكاتبه الملوك في أمرهم فلم يلتفت ولم يرجع عنهم ، فوصل هذا الحكيم سالما في جملة من سلم في هذه الوقعة ، واستغل جناح الدولة سرمين ومعرة النعمان وكفر طاب وحماة ، وفدى الوزير ابن الموصل نفسه من جناح الدولة بأربعة آلاف دينار وفدى أصحاب الملك نفوسهم أيضا بمال حملوه إليه ولم يبق في أيدي المسلمين في سنة ست وتسعين إلا حصن بسرفوث من عمل بني عليم.
سنة ٤٩٤
ذكر ملك الفرنج مدينة سروج
قال ابن الأثير : في هذه السنة ملك الفرنج مدينة سروج من بلاد الجزيرة وسبب ذلك أن الفرنج كانوا قد ملكوا مدينة الرها بمكاتبة من أهلها لأن أكثرهم أرمن وليس بها من المسلمين إلا القليل ، فلما كان الآن جمع سقمان بسروج جمعا كثيرا من التركمان وزحف إليهم فلقوه وقاتلوه فهزموه في ربيع الأول ، فلما تمت الهزيمة على المسلمين سار الإفرنج إلى سروج فحصروها وتسلموها وقتلوا كثيرا من أهلها وسبوا حريمهم ونهبوا أموالهم ولم يسلم إلا من مضى منهزما. اه.
سنة ٤٩٥
ذكر ابن الأثير في حوادث سنة ٤٩٣ أن كمشتكين بن الدانشمند طايلو صاحب ملطية وسيواس لقي بيمند الفرنجي ( صاحب أنطاكية ) وهو من مقدمي الفرنج قريب ملطية فانهزم بيمند وأسر.
وقال في حوادث هذه السنة سنة ٤٩٥ : إن ابن الدانشمند أطلق بيمند صاحب أنطاكية وأخذ منه مائة ألف دينار وشرط عليه إطلاق ابنة باغيسيان الذي كان صاحب أنطاكية وكانت في أسره ، ولما خلص بيمند من أسره عاد إلى أنطاكية فقويت نفوس أهلها به ، ولم يستقر حتى أرسل إلى أهل العواصم وقنسرين وما جاورها يطالبهم بالإتاوة ، فورد على المسلمين من ذلك ما طمس المعالم التي بناها ابن الدانشمند.