سنة ٤٩٦
قال ابن العديم : في هذه السنة تسلم دقاق الرحبة ، وكان المقيم بها زوج آمنة بنت قيماز ، وكان قيماز من أصحاب كربغا فمات وكانت الرحبة له ، وكان جناح الدولة قد خرج إليها فوجد الأمر قد فات فعاد ونزل النقرة ، وخرج إليه رضوان إلى النقرة واصطلحا وأخذه معه إلى ظاهر حلب وضرب له خياما وأقام في ضيافته عشرة أيام ولم يصف قلب أحد منهما لصاحبه ، وسار جناح الدولة إلى حمص فسير الحكيم المنجم الباطني ثلاثة أعجام من الباطنية فاغتالوه وقد نزل يوم الجمعة الثاني والعشرين من شهر رجب لصلاة الجمعة ، فقتلوه وقتلوا بعض أصحابه وقتلوا ، وقيل إن ذلك كان بأمر رضوان ورضاه ، وبقي المنجم الباطني بعده أربعة وعشرين يوما ومات ، وأقام بعده بأمر الدعوة الباطنية بحلب رفيقه أبو طاهر الصايغ العجمي.
ووصل صنجيل الفرنجي ونزل على حمص بعد قتل جناح الدولة بثلاثة أيام فسيرت زوجته خاتون أم الملك رضوان تستدعيه لتسلم إليه حمص ويدفع الفرنج ، فكره المقدمون ذلك وخافوا منه لسوء رأيه فيهم وسيروا إلى نواب دقاق إلى دمشق ، وكان دقاق بالرحبة ، فسار إيستكين الحلبي من دمشق ودخلها وطلع القلعة ووصل رضوان إلى القبة فبلغه الخبر ، وعاد ورحل صنجيل عنها بعد أن قرر عليهم مالا ، ووصل دقاق فتسلم حمص وأحسن إلى أهلها ونقل أهل جناح الدولة وأولاده إلى دمشق وسلم حمص إلى طغتكين وسار إلى عزاز وأغار على الجومة وهي من عمل أنطاكية ، فخرج عسكر أنطاكية وعسكر الرها فنزلوا المسلمية وقتلوا بعض أهلها وقطعوا على عدة مواضع قطايع أخذوها وأقاموا ببلد حلب أياما ، وراسلوا الملك رضوان واستقر الحال على سبعة آلاف دينار وعشرة رؤوس من الخيل ويطلقون الأسرى ما خلا من أسروه على المسلمية من الأمراء وذلك في سنة ست وتسعين.
ثم خرج الفرنج من تل باشر وأغاروا على بلد حلب الشمالي والشرقي وأحرقوه وتكرر ذلك منهم ، ونزلوا على حصن بسرفوث وفتحوه بالأمان ووصلوا إلى كفر لاثا فكبسهم بنو عليم فانهزموا إلى بسرفوث ، ووقع بين الفرنج وبين سكمان وجكرمش وقعة عظيمة استظهر فيها المسلمون وهلك الفرنج وأسر القمص وغنم المسلمون غنيمة عظيمة ، وكان الملك رضوان