حلب وشمس الخواص إلى حلب فقبض عليه لؤلؤ واعتقله ، فعادت عساكر السلطان حينئذ عن حصن الأكراد وساروا إلى كفر طاب وحصروا حصنا كان الفرنج عمروه بجامعها وأحكموه فأخذوه وقتلوا من فيه إلى معرة النعمان ، وأمن الترك وانتشروا في أعمال المعرة واشتغلوا بالشرب والنهب ووقع التحاسد فيما بينهم ، ووصل رسول من جهة شمس الخواص يستدعيهم لتسليم بزاعة ويقول : إن شمس الخواص مقبوض عليه عند لؤلؤ الخادم ولؤلؤ يكشف أخبار العساكر ويطالع بها الفرنج ، ورحل برسق وجامدار صاحب الرحبة نحو دانيث يطلبون حلب فنزل جامدار في بعض الضياع ووصل برسق بالعسكر إلى دانيث بكرة الثلثاء العشرين من شهر ربيع الآخر والفرنج يعرفون أخبارهم ساعة فساعة ، فوصلهم الفرنج وقصدوا العسكر من ناحية جبل السماق والعسكر على الحال التي ذكرناها من الانتشار والتفرق فلم يكن لهم بالفرنج طاقة ، فانهزموا من دانيث إلى تل السلطان واستتر قوم في الضياع من العسكر ، فنهبهم الفلاحون وأطلقوهم وغنم أهل الضياع مما طرحوه وقت هزيمتهم ما يفوت الإحصاء وأخذ الفرنج من هذا ما يفوت الوصف وغنموا من الكراع والسلاح والخيام والدواب وأصناف الآلات والأمتعة ما لا يحصى ، ولم يقتل مقدم ولا مذكور وقتل من المسلمين نحو خمسمائة وأسر نحوها ، واجتمع العسكر على تل السلطان ورحلوا إلى النقرة مخذولين مختلفين ونزلوا النقرة ، وكان أونبا قد طلع بأصحابه إلى حصن بزاعة وكان قد تقدم العساكر إليها ، فلما بلغهم ذلك نزلوا ووصلوا إلى العسكر وتوجهت العساكر إلى السلطان وإلى بلادهم ووصل طغتكين من دمشق فتسلم رفنية ممن كان بها ، وأطلق لؤلؤ شمس الخواص من الاعتقال وسلم إليه ما كان أقطعه من بزاعة وغيرها فوصل إلى طغتكين فرد عليه رفنية وعاد إلى دمشق واستصحبه معه.
زيادة بيان لهذه الحوادث :
ذكر ابن الأثير في حوادث سنة ٥٠٨ أنه حصلت وحشة بين السلطان محمد وبين آميريه آقسنقر البرسقي وطغتكين صاحب دمشق أدت إلى اتفاقهما مع صاحب أنطاكية الفرنجي ، ولما اتصل ذلك بمسامع السلطان محمد جهز في سنة ٥٠٨ عسكرا كثيرا وجعل مقدمهم الأمير برسق بن برسق صاحب همذان ومعه الأمير جيوش بك والأمير كنتغدي وعساكر الموصل والجزيرة وأمرهم بالبداءة بقتل إيلغازي وطغتكين ، فإذا فرغوا منهما قصدوا