بلاد الفرنج وقاتلوهم وحصروا بلادهم ، فساروا في رمضان من سنة ثمان وخمسمائة وكان عسكرا كثير العدة ، وعبروا الفرات آخر السنة عند الرقة ، فلما قاربوا حلب راسلوا المتولي لأمرها لؤلؤ الخادم ومقدم عسكرها المعروف بشمس الخواص يأمرونهما بتسليم حلب وعرضوا عليهما كتب السلطان بذلك ، فغالطا في الجواب وأرسلا إلى إيلغازي وطغتكين يستنجداهما ، فسارا إليهم في ألفي فارس ودخلا حلب فامتنع من بها حينئذ عن عسكر السلطان وأظهروا العصيان ، فسار الأمير برسق بن برسق إلى مدينة حماة وهي في طاعة طغتكين وبها ثقله فحصرها وفتحها عنوة ونهبها ثلاثة أيام وسلمها إلى الأمير قرجان صاحب حمص ، وكان السلطان قد أمر بأن يسلم إليه كل بلد يفتحونه ، فلما رأت الأمراء ذلك فشلوا وضعفت نياتهم في القتال بحيث تؤخذ البلاد وتسلم إلى قرجان ، فلما سلموا حماة إلى قرجان سلم إليهم إياز بن إيلغازي. وكان قد سار إيلغازي وطغتكين وشمس الخواص إلى أنطاكية واستجاروا بصاحبها روجيل وسألوه أن يساعدهم على حفظ مدينة حماة ، فلما بلغهم فتحها ووصل إليهم بأنطاكية بغدوين صاحب القدس وصاحب طرابلس وغيرهما من شياطين الفرنج اتفق رأيهم على ترك اللقاء لكثرة المسلمين وقالوا إنهم عند هجوم الشتاء يتفرقون ، واجتمعوا بقلعة أفامية وأقاموا نحو شهرين ، فلما انتصف أيلول ورأوا عزم المسلمين على المقام تفرقوا فعاد إيلغازي إلى ماردين وطغتكين إلى دمشق والفرنج إلى بلادها ، وكانت أفامية وكفر طاب للفرنج ، فقصد المسلمون كفر طاب وحصروها ، فلما اشتد الحصر على الفرنج ورأوا الهلاك قتلوا أولادهم ونساءهم وأحرقوا أموالهم ودخل المسلمون البلد عنوة وقهروا وأسروا صاحبه وقتلوا من بقي فيه من الفرنج ، وساروا إلى قلعة أفامية فرأوها حصينة فعادوا عنها إلى المعرة وهي للفرنج أيضا ، وفارقهم الأمير جيوش بك إلى وادي بزاعة فملكه ، وسارت العساكر عن المعرة إلى حلب وتقدمهم ثقلهم ودوابهم على جاري العادة والعساكر في إثره متلاحقة وهم آمنون لا يظنون أحدا يقوم على القرب منهم. وكان روجيل صاحب أنطاكية لما بلغه حصر كفر طاب سار في خمسمائة فارس وألفي راجل للمنع فوصل إلى المكان الذي ضربت فيه خيام المسلمين على غير علم بها فرآها خالية من الرجال المقاتلة لأنهم لم يصلوا إليها فنهب جميع ما هناك وقتل كثيرا من السوقية وغلمان العسكر ووصلت العساكر متفرقة فكان الفرنج يقتلون كل من وصل إليهم ، ووصل الأمير