فيه ، فجاء قبل وقعة الطواحين واستولى على حلب ومعه إسحق بن كنداج ، وسار أبو العباس من أنطاكية إلى طرسوس فأغلقها أهلها دونه ومنعوه من دخولها ، فسار إلى مرعش ثم إلى كيسوم ثم إلى سميساط وعبر الفرات ونكب عن حلب لاستيلاء الأفشين عليها وكان قد جرت بينهما وحشة ، ونزل خمارويه إلى حلب فصالحه الأفشين وصار في جملته ودعا له على منابر أعماله وحمل إليه خمارويه مائتي ألف دينار ونيفا وعشرين ألف دينار لوجوه أصحابه وعشرين ألف دينار لكاتبه ، وذلك في سنة ثلاث وسبعين ومائتين ، وأعطاه الأفشين ولده رهينة على الوفاء بعهده. اه.
وعبارة ابن الأثير تفيد أن خمارويه لم ينزل إلى حلب لمصالحته بل إن الأفشين راسله لمنافرة حصلت بينه وبين إسحق بن كنداج ونص عبارته في حوادث سنة ٢٧٣.
في هذه السنة فسد الحال بين محمد بن أبي الساج وإسحق بن كنداج وكانا متفقين في الجزيرة ، وسبب ذلك أن ابن أبي الساج نافر إسحق في الأعمال وأراد التقدم وامتنع عليه إسحق ، فأرسل ابن أبي الساج إلى خمارويه بن أحمد بن طولون صاحب مصر وأطاعه وصار معه وخطب له بأعماله وهي قنسرين وسير ولده ديوداد إلى خمارويه رهينة ، فأرسل إليه خمارويه مالا جزيلا له ولقواده ، وسار خمارويه إلى الشام فاجتمع هو وابن أبي الساج ببالس وعبر ابن أبي الساج الفرات إلى الرقة فلقيه ابن كنداج وجرى بينهما حرب انهزم فيها ابن كنداج واستولى ابن أبي الساج على ما كان لابن كنداج ، وعبر خمارويه الفرات ونزل الرافقة ومضى إسحق منهزما إلى قلعة ماردين فحصره ابن أبي الساج وسار عنها إلى سنجار فأوقع بها بقوم من الأعراب ، وسار ابن كنداج من ماردين نحو الموصل فلقيه ابن أبي الساج ببرقعيد فكمن كمينا فخرجوا على ابن كنداج وقت القتال فانهزم عنها وعاد إلى ماردين فكان فيها وقوي أمر ابن أبي الساج وظهر أمره واستولى على الجزيرة والموصل وخطب لخمارويه ثم لنفسه بعده. اه.
قال المقريزي في خطط مصر في الكلام على ولاية أبي الجيش خمارويه بعد أن ذكر بعضا من هذه الوقائع : وكاتب خمارويه أبا أحمد الموفق في الصلح فأجابه إلى ذلك وكتب له بذلك كتابا ، فورد عليه به فائق الخادم إلى مصر في رجب ذكر فيه أن المعتمد والموفق وابنه كتبوه بأيديهم وبولاية خمارويه وولده ثلاثين سنة على مصر والشامات ، ثم قدم خمارويه سلخ رجب فأمر بالدعاء لأبي أحمد الموفق وترك الدعاء عليه.