بطلاق زوجته طرود ( هناك سماها جابرة ) وكانت أجمل عصرها فطلقها وتزوجها منصور وإليها ينسب مشهد طرود خارج باب الجنان في طرف الحلبة ، فكان مرتضي الدولة إذا شرب يعزم على قتل صالح لحنقه عليه من طول لسانه وشجاعته ، فبلغ ذلك صالحا فخاف على نفسه وركب الصعب في تخليصها واحتال حتى وصل إليه في طعامه ، فبرد حلقة قيدة الواحدة وفكها وصعبت الأخرى عليه فشد القيد في ساقه وثقب حائط السجن وخرج منه في الليل وتدلى من القلعة إلى التل وألقى نفسه فوقع سالما ليلة الجمعة مستهل محرم سنة خمس وأربعمائة ، واستتر في مغارة بجبل جوشن وأكثر الطلب له والبحث عنه عند الصباح فلم يوقف له على خبر ، ولحق بالحلة ( هناك قال إنه أتى مرج دابق ) واجتمعت عليه بنو كلاب وقويت نفوسهم بخلاصه فنزل على تل حاصد ، فجمع مرتضي الدولة جنده وحشد جميع من بحلب من الأوباش والسوقة والنصارى واليهود وألزمهم بالسير معه إلى قتال صالح ، فخرجوا فلما وصل مرتضي الدولة إلى جبرين قال : جبرنا ، ولما وصل لوشلا قال : شللنا ، ولما وصل تل حاصد قال : حصدنا ، وأصبح عليهم يوم شديد الحر فماطلهم صالح باللقاء إلى أن عطشوا وجاءوا ، وسير جاسوسا إلى العسكر فجاء وأخبره أن معظم عساكره من اليهود والنصارى وأنه سمع يهوديا يقول لآخر بلغتهم ( والك صعبطه اطعزه أتأخر وإياك أن يكون خلفه آخر يطعزك بمطعازه يحقب بيتك للدواغيث ) فقوي طمع صالح فيهم وحمل عليهم فكسرهم وأسر مرتضي الدولة وقيده بالقيد الذي كان في رجله ، ثم استقر الأمر مع صالح على أن يقاسمه باطن حلب وظاهرها شطرين فأجابه صالح إلى ذلك بعد أن طلق زوجته طرود اه.
وقال في المختار من الكواكب المضية : أسر صالح بن مرداس ابن لؤلؤ على تل حاصد يوم الخميس الخامس من صفر سنة خمس وأربعمائة وأباعه نفسه بنصف ما يملكه من العين والمتاع وأطلقه فأقام بحلب.
قال ابن الأثير بعد ذكر ما نقلناه عنه آنفا فيما كان في هذه الوقعة : كان مع ابن لؤلؤ فيها ابن أخ له فنجا وحفظ مدينة حلب ، ثم إن ابن لؤلؤ بذل لابن مرداس مالا على أن يطلقه ، فلما استقر الحال بينهما أخذ رهائنه وأطلقه فقالت أم صالح لابنها : قد أعطاك الله ما لا كنت تؤمله ، فإن رأيت أن تتم صنيعك بإطلاق الرهائن فهو المصلحة ، فإنه إن