يطرحه حول عسكره بالليل وخركاهات عليها لبود مغربية ) ، ولما دخل الروم البلد قصد الناس القلعة ، فمن دخلها نجا بحشاشة نفسه. وأقام الدمستق تسعة أيام وأراد الانصراف عن البلد بما غنم فقال له ابن أخت الملك وكان معه : هذا البلد قد حصل في أيدينا وليس من يدفعنا عنه فلأي سبب ننصرف عنه ، فقال الدمستق : قد بلغنا ما لم يكن الملك يؤمله وغنمنا وقتلنا وخربنا وأحرقنا وخلصنا أسرانا وبلغنا ما لم يسمع بمثله ، فتراجعا الكلام إلى أن قال له الدمستق : انزل على القلعة فحاصرها فإنني مقيم بعسكري على باب المدينة ، فتقدم ابن أخت الملك إلى القلعة ومعه سيف وترس وتبعه الروم ، فلما قرب من باب القلعة ألقي عليه حجر فسقط ورمي بخشب فقتل ، فأخذه أصحابه وعادوا إلى الدمستق ، فلما رآه قتيلا قتل من معه من أسرى المسلمين وكانوا ألفا ومائتي رجل ، وعاد إلى بلاده ولم يعرض لسواد حلب ، وأمر أهله بالزراعة والعمارة ليعود إليهم بزعمه.
وفي هامش تجارب الأمم نقلا عن تاريخ علي بن محمد الشميشاطي ما نصه :
قال : في ذي القعدة أقبلت الروم فخرجوا من الدروب ، فخرج سيف الدولة من حلب فتقدم إلى أعزاز في أربعة آلاف فارس وراجل ، ثم تيقن أنه لا طاقة له بلقاء الروم لكثرتهم ، فرد إلى حلب وخيم بظاهرها ليكون المصاف هناك ، ثم جاءه الخبر بأن الروم مالوا نحو العمق فجهز فتاه نجا في ثلاثة آلاف لقصدهم ، ثم لم يصبر سيف الدولة فسار بعد الظهر بنفسه ونادى في الرعية من لحق بالأمير فله دينار ، فلما سار فرسخا لقيه بعض العرب فأخبره أن الروم لم يبرحوا من جبرين وأنهم على أن يصبحوا حلب ، فرد إلى حلب ونزل على نهر قويق ، ثم تحول من الغد فنزل على باب اليهود وبذل خزائن السلاح للرعية ، وأشرف العدو في ثلاثين ألف فارس فوقع القتال في أماكن شتى ، فلما كان العصر وافى ساقة العدو في أربعين ألف رجل بالرماح وفيهم ابن الشمقيق ، وامتد الجيوش على النهر وأحاطوا بسيف الدولة ، فحمل عليهم ، فلما ساواهم لوى رأس فرسه وقصد ناحية بالس وسار وراءه ابن الشمقيق في عشرين ألفا ، فأنكى في أصحابه وانهزمت الرعية الذين كانوا على النهر عندما انصرف سلطانهم وأطلهم السيف وازدحموا في الأبواب وتعلق طائفة من السور بالجبال ، فقتل منهم فوق الثلاثمائة ، وقتل من الكبار أبو طالب بن داود بن حمدان