٣ ـ وأمّا قوله بأنّ النسبة بين المعنى الاسمي والحروف نسبة المفهوم إلى المصداق ، فغير صحيح ، لأن المصداق والمفهوم لا اختلاف بينهما إلاّ في الوجود ، وإلاّ فالذات واحدة ، كزيد والإنسان ، فكلاهما حيوان ناطق والنسبة نسبة الكلّي والفرد ، فالنسبة المذكورة تختص في وحدة الذات ، ولا تجتمع مع الاختلاف الذاتي بين مفهوم الاسم ومفهوم الحرف ، كما هو الحق الذي اختاره في مقابل مبنى صاحب (الكفاية) ، بل على هذا المبنى تكون النسبة هي النسبة بين العنوان والمعنون ، كمفهوم الوجود والمصاديق الخارجيّة للوجود.
٤ ـ وأمّا قوله بأن المعنى الحرفي فانٍ في مقام الاستعمال وغير ملحوظ أصلاً. ففيه : أنه خلاف الوجدان ، فقد يكون تمام النظر في موردٍ إلى إفادة معنى حرف من الحروف ، كلفظة «من» في «سرت من البصرة إلى الكوفة». وهذا الإشكال من المحقق الخوئي في (حاشية أجود التقريرات).
٥ ـ إنه لا ريب في أن الحروف موجدة للربط بين المفاهيم الاسميّة ، فالسير بما له من المفهوم مغاير للبصرة بما له من المفهوم ، لكنّها بدلالتها على معانيها توجد الربط ، لا أنها توجده من غير أنْ تدل على معنى.
وعلى الجملة ، فإن دعواه بأنّ الحروف إيجاديّة فقط ، دعوى بلا دليل ، بل الدليل قائم على بطلانها. أمّا وجداناً ، فلأن قولنا زيد في الدار ، يشتمل على «زيد» الحاكي عن الجوهر وهو المكين ، وعلى «الدار» الحاكي عن الجوهر وهو المكان ، وعلى «في» المفيد للظرفيّة الحاكي عن الربط ، فكلّ من الاسمين يفيد معناه الخاص ، و «في» يفيد الربط بينهما ، ولو لا هذا الحرف لما انتقل إلى الذهن الربط بين الاسمين المذكورين. وأمّا برهاناً ، فلأن