فأورد عليه في (المحاضرات) بأنّ تحقّق اليقين والشك في الذهن لا يكشف عن تعدّد متعلَّقهما في الخارج ، فإن الطبيعي عين فرده ومتّحد معه خارجاً ، ومع ذلك يمكن أن يكون أحدهما متعلَّقاً لصفة اليقين والآخر متعلَّقاً لصفة الشك ، كما إذا علم إجمالاً بوجود إنسان في الدار وشكّ في أنه زيد أو عمرو ، فلا يكشف تضادّهما عن تعدّد متعلّقيهما بحسب الوجود الخارجي ، فإنهما موجودان بوجود واحدٍ حقيقة ، وذلك الوجود الواحد من جهة انتسابه إلى الطبيعي متعلَّق لليقين ، ومن جهة انتسابه إلى الفرد متعلَّق للشك.
وما نحن فيه من هذا القبيل ، فإن متعلَّق اليقين هو ثبوت طبيعيّ البياض للجدار ، ومتعلَّق الشك هو ثبوت حصّةٍ خاصّةٍ من البياض للجدار ، فليس هنا وجودان تعلَّق اليقين بأحدهما والشك بالآخر ، بل وجود واحد حقيقة ، مشكوك فيه من جهةٍ ومتيقَّن من جهة اخرى.
وتلخّص : إن الممكن في الخارج إما جوهر أو عرض ، وكلّ منهما زوج تركيبي ، أي مركّب من ماهيّة ووجود ، ولا ثالث لهما. والمفروض أن الوجود الرابط سنخ وجود لا ماهيّة له ، فلا يكون لا من الجوهر ولا من العرض ، وليس في الخارج إلاّ الجوهر والعرض.
قال شيخنا دام بقاه : إن هذا الإشكال ناشئ من عدم ملاحظة كلمات أهل الفن.
إن كان المقصود أنهم يقولون بأنّ هناك في الخارج للعرض وجوداً غير وجوده للجوهر ـ كما في كلمات البعض ـ فالإشكال وارد ، لكنّ أعيان أهل الفن لا يقولون مثل هذا الكلام ، ولا حاجة لنقل كلماتهم بالتفصيل ، وإنما