القبر هنيئة ثم واره». ومرسلة محمد بن عطية (١) قال : «إذا أتيت بأخيك إلى القبر فلا تفدحه به ضعه أسفل من القبر بذراعين أو ثلاثة حتى يأخذ أهبته ثم ضعه في لحده.». ورواية محمد بن عجلان (٢) قال : «قال أبو عبد الله (عليهالسلام) لا تفدح ميتك بالقبر لكن ضعه أسفل منه بذراعين أو ثلاثة ودعه حتى يأخذ أهبته». ولا يخفى انتفاء دلالة هذه الروايات على ما ذكره الأصحاب بل انما تدل على استحباب وضعه دون القبر هنيئة ثم دفنه. وبمضمونها افتى ابن الجنيد والمصنف في المعتبر في آخر كلامه ، وهو المعتمد. انتهى. أقول : ومن روايات المسألة مما هو من هذا القبيل ما رواه ثقة الإسلام عن يونس (٣) قال : «حديث سمعته عن ابي الحسن موسى (عليهالسلام) ما ذكرته وانا في بيت إلا ضاق علي ، يقول إذا أتيت بالميت الى شفير القبر فأمهله ساعة فإنه يأخذ أهبته للسؤال». وما رواه الشيخ عن محمد بن عجلان (٤) قال : «سمعت صادقا يصدق على الله تعالى ـ يعني أبا عبد الله (عليهالسلام) ـ قال : إذا جئت بالميت الى قبره فلا تفدحه بقبره ولكن ضعه دون قبره بذراعين أو ثلاثة أذرع ودعه حتى يتأهب للقبر ولا تفدحه به. الحديث».
إذا عرفت ذلك فاعلم ان ما ذكره الصدوق مما قدمنا نقله عنه فإنما أخذه من الفقه الرضوي على النهج الذي عرفت سابقا وستعرف مثله ان شاء الله تعالى ، قال (عليهالسلام) في الكتاب المذكور (٥) : «وإذا حملت الميت الى قبره فلا تفاجئ به القبر فان للقبر أهوالا عظيمة ونعوذ بالله من هول المطلع ولكن ضعه دون شفير القبر واصبر عليه هنيئة ثم قدمه قليلا واصبر عليه ليأخذ أهبته ثم قدمه الى شفير القبر ، ويدخله القبر من يأمره ولي الميت ان شاء شفعا وان شاء وترا ، وقل إذا نظرت الى القبر : اللهم اجعله روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النار». انتهى. ومنه يعلم ان مستند الصدوق في هذا الحكم انما هو الكتاب المذكور ومن تأخر عنه أخذ ذلك منه أو من
__________________
(١ و ٢ و ٣ و ٤) رواه في الوسائل في الباب ١٦ من أبواب الدفن.
(٥) ص ١٨.