فعليك ان تغتسل وتقضي الصلاة.». ثم أطال الكلام في المقام بما لا يخلو من التردد وعدم الانسجام.
أقول : والذي يظهر لي من النظر في روايات المسألة والتأمل فيها ان صحيحة محمد بن مسلم التي قدمنا ذكرها في صدر المطلب برواية الشيخ في التهذيب (١) هي بعينها ما رواه الصدوق في الفقيه مرسلا عن الباقر (عليهالسلام) (٢) من قوله : «الغسل في سبعة عشر موضعا. الى آخره». والصدوق وان رواها في الفقيه مرسلة إلا انه رواها في الخصال مسندة عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن محمد عن الباقر (عليهالسلام) (٣) قال : «الغسل في سبعة عشر موضعا ، ثم ساق الخبر الى ان قال : وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاستيقظت ولم تصل فعليك ان تغتسل وتقضي الصلاة». وهي ـ كما ترى ـ صحيحة صريحة في القول المشهور ولكنه في المدارك وكذا في الذخيرة لما لم يقفا إلا على ذينك الخبرين المجملين توقفا فيما ذكراه ، ومن الظاهر الذي لا يكاد يختلجه الشك ان هذه الرواية هي الرواية التي نقلها الشيخ في التهذيب لكنه أسقط منها هذه العبارة سهوا وزاد عوضها قوله «فاغتسل» والرواية كما ذكرناه من الزيادة موجودة في كتب الصدوق : الفقيه والخصال والهداية ، والظاهر ان هذه الزيادة سقطت من قلم الشيخ كما لا يخفى على من له انس بطريقته سيما في التهذيب وما وقع له فيه من التحريف والتصحيف والزيادة والنقصان في الأسانيد والمتون بحيث انه قلما يخلو حديث من ذلك في متنه أو سنده كما هو ظاهر للممارس ، وبذلك يظهر ضعف الاستناد الى روايته في المسألة وضعف ما استنبطه في المدارك منها بناء على نقله لها مع صحة سندها من الغسل للأداء.
بقي الكلام في مرسلة حريز من حيث انها مطلقة في الكسوف من غير تقييد بالاحتراق ، ولكن الظاهر تقييدها بصحيحة محمد بن مسلم التي ذكرناها واعتمدناها وبه
__________________
(١) ص ١٨٠.
(٢ و ٣) رواه في الوسائل في الباب ١ من أبواب الأغسال المسنونة.