وهو اليوم الذي أحيا الله تعالى فيه القوم «الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ» (١) وهو اليوم الذي هبط فيه جبرئيل (عليهالسلام) على النبي (صلىاللهعليهوآله) وهو اليوم الذي كسر فيه إبراهيم (عليهالسلام) أصنام قومه ، وهو اليوم الذي حمل فيه رسول الله (صلىاللهعليهوآله) أمير المؤمنين (عليهالسلام) على منكبه حتى رمى أصنام قريش من فوق البيت الحرام وهشمها. الخبر بطوله». والشاهد في هذين الحديثين من وجوه : (الأول) ـ قوله (عليهالسلام) «هو اليوم الذي أخذ الله تعالى فيه العهد بغدير خم» وهذا تأريخ وكان ذلك سنة عشر من الهجرة وحسب فوافق نزول الشمس الحمل في التاسع عشر من ذي الحجة على حساب التقويم ولم يكن الهلال رؤي في مكة ليلة الثلاثين فكان الثامن عشر على الرؤية (الثاني) ـ كون صب الماء في ذلك اليوم سنة شائعة ، والظاهر ان مثل هذه السنة العامة الشاملة لعامة المكلفين انما يكون صب الماء في وقت لا ينفر منه الطبع ويأباه ولا يتصور ذلك مع كون الشمس في الجدي لأنه في غاية القر في غالب البلاد الإسلامية (الثالث) ـ قوله (عليهالسلام) في الحديث الثاني : «وهو أول يوم طلعت فيه الشمس» وهو مناسب لما قيل ان الشمس خلقت في الشرطين (الرابع) ـ قوله : «وخلقت فيه زهرة الأرض» وهذا انما يكون في الحمل دون الجدي وهو ظاهر» انتهى ما ذكره في المهذب.
ولا يخفى ما فيه على الفطن النبيه فإن إثبات الأحكام الشرعية بأمثال هذه الوجوه التخريجية الوهمية لا يخلو من مجازفة سيما مع ما فيها من الاختلال الذي لا يخفى على من خاض بحار الاستدلال وليس في التعرض لنقضها كثير فائدة مع ظهور الحال فيما ذكرناه ولا اعرف لذلك دليلا شرعيا ولا مستندا مرعيا غير مجرد اتفاق الناس على ذلك ، وقد أطال شيخنا المجلسي في البحار في بيان ما في جملة هذه الأقوال من الاختلال واعترض
__________________
(١) سورة البقرة. الآية ٢٤٤.