التيمم اعني قوله عزوجل : «وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» (١) أقول : صدر هذه الآية هكذا : «(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى ... الى آخر ما تقدم» ولما قدم سبحانه بيان حكم واجد الماء في الطهارتين من الحدث الأصغر والأكبر عطف عليه بيان حكم من لم يجد ماء أو لم يتمكن من استعماله بالنسبة إليهما أيضا فقال : «وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى» ـ اي مرضا يضر معه استعمال الماء أو يوجب العجز عن السعي إليه ، قال في مجمع البيان : وهو المروي عن السيدين الباقر والصادق (عليهماالسلام) وقيل انه لا حاجة الى التقييد لان قوله تعالى : «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً» متعلق بالجمل الأربع وهو يشمل عدم التمكن من استعماله لان الممنوع منه كالمفقود ـ «أَوْ عَلى سَفَرٍ» اي متلبسين به إذا الغالب فقدان الماء في أكثر الصحاري ـ «أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ» وهو كناية عن الحدث إذ الغائط لغة المكان المنخفض من الأرض وكانوا يقصدونه لقضاء الحاجة لتغيب فيه أشخاصهم عن أعين الناظرين كما هو السنة في ذلك فكنى سبحانه عن الحدث بالمجيء من مكانه ، قيل و «أو» هنا بمعنى الواو كقوله تعالى : «وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ» (٢) والمراد أو كنتم مسافرين وجاء أحد منكم من الغائط ، وبه يحصل الجواب عن الاشكال المشهور الذي أورد على ظاهر الآية وهو انه سبحانه جمع بين هذه الأشياء في الشرط المترتب عليه جزاء واحد هو الأمر بالتيمم مع ان المجيء من الغائط ليس من قبيل المرض والسفر حتى يصح عطفه عليهما بأو المقتضية لاستقلال كل منهما في ترتب الجزاء عليه ، فان كلا من المرض والسفر سبب لإباحة التيمم والرخصة فيه والمجيء من الغائط
__________________
(١) سورة المائدة. الآية ٦.
(٢) سورة الصافات. الآية ١٤٧.