التيمم لمرض ونحوه مستفادا من السنة المطهرة ، ويكون المرضى ونحوهم غير داخلين في خطاب «فَلَمْ تَجِدُوا» لأنهم يتيممون وان وجدوا الماء ، والظاهر انه الأقرب كما لا يخفى. بقي الكلام في انه لو وجد الماء إلا انه لا يكفي للطهارة الواجبة غسلا كانت أو وضوء ، والمفهوم من كلام جمهور أصحابنا (رضوان الله عليهم) هو وجوب التيمم لأن الطهارة لا تتبعض ، قالوا فان الظاهر من الآية عدم وجدان الماء الذي يكفي لكمال الطهارة ، وأيدوا ذلك بقوله عزوجل في كفارة اليمين «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ» (١) أي من لم يجد إطعام عشرة مساكين ففرضه الصيام ، وقد اتفقوا على انه لو وجد إطعام أقل من عشرة لم يجب عليه ذلك وانتقل فرضه الى الصوم. وعن بعض العامة القول بالتبعيض (٢) ونقله شيخنا الشهيد الثاني عن الشيخ في بعض أقواله ، وعن شيخنا البهائي انه قال وللبحث فيه مجال. وأنت خبير بأن الآية في هذا المقام لا تخلو من الإجمال الموجب لتعدد الاحتمال إلا ان المفهوم من الاخبار الواردة في الجنب يكون معه من الماء بقدر ما يتوضأ به وانه يتيمم مما يؤيد القول المشهور ، إذ لو كان التبعيض واجبا لامروا به (عليهمالسلام) ـ «فَتَيَمَّمُوا» اي اقصدوا وتحروا وتعمدوا ، والتيمم لغة القصد ومنه قوله تعالى : «وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ» (٣) اي لا تقصدوا الردي من المال تنفقون منه ، وشرعا قصد الصعيد لمسح الوجه واليدين على الكيفية الواردة في النصوص قال في المدارك : والطهارة الترابية التيمم وهو لغة القصد قال عزوجل «فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً» اي اقصدوا ، ونقل في الشرع الى الضرب على الأرض والمسح بالوجه واليدين على وجه القربة ، وهو ثابت بالكتاب والسنة والإجماع قال الله تعالى : «وَإِنْ كُنْتُمْ
__________________
(١) سورة المائدة. الآية ٨٩.
(٢) حكاه في المغني ج ١ ص ٢٣٧ عن احمد وعبدة بن أبي لبابة ومعمر وعطاء والشافعي في أحد قوليه وفي ص ٢٥٨ حكاه عن الشافعي.
(٣) سورة البقرة. الآية ٢٦٧.