مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ ... الآية» انتهى. أقول : لا يخفى ان الآية الأولى التي استدل بها على المعنى اللغوي هي عين الآية الثانية التي استدل بها على المعنى الشرعي إلا أن إحداهما في سورة النساء والأخرى في سورة المائدة وصورتهما معا هكذا : وان كنتم مرضى الى قوله وأيديكم ففي إحداهما بعد ذلك «إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً» وفي الأخرى التي ذكرناها هنا «(مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ ... الى آخرها» ولا ريب ان لفظ التيمم في الآيتين إنما أريد به المعنى الشرعي لا اللغوي وحمله إحداهما على المعنى اللغوي والأخرى على الشرعي لا اعرف له وجها مع ان تتمة الآية في الموضعين اعني قوله عزوجل فيهما معا «فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ» ينادي على صحة ما ذكرنا وحينئذ فالمراد في الآيتين معا اقصدوا صعيدا لمسح الوجه واليدين ، فالمعنى اللغوي للتيمم هو القصد مطلقا والشرعي هو القصد للصعيد لاستعماله في مسح الوجه واليدين على الكيفية المخصوصة وظاهر كلامه في المدارك ان المعنى الشرعي انما هو الضرب على الأرض ومسح الوجه واليدين على الوجه المعلوم شرعا ، والأظهر ما قلناه وهو الذي صرح به أمين الإسلام الطبرسي في مجمع البيان ، وعلى ما ذكرنا فالتيمم في الآيتين إنما أريد به المعنى الشرعي لا اللغوي كما ذكره. واما الصعيد فقد اختلف كلام أهل اللغة فيه ، فبعضهم كالجوهري قال هو التراب ووافقه ابن فارس في المجمل ، ونقل ابن دريد في الجمهرة عن ابي عبيدة انه التراب الخالص الذي لا يخالطه سبخ ولا رمل ، وعلى هذه الأقوال اعتمد المرتضى حيث خص التيمم بالتراب الخالص بناء على تفسير الصعيد به في كلام هؤلاء ، الا ان المفهوم من كلام الأكثر لا يساعد عليه ، فنقل في مجمع البيان عن الزجاج انه قال : لا اعلم خلافا بين أهل اللغة في ان الصعيد وجه الأرض. ثم قال : وهذا يوافق مذهب أصحابنا في ان التيمم يجوز بالحجر سواء كان عليه تراب أو لم يكن. وقال في المصباح المنير : الصعيد وجه الأرض ترابا كان أو غيره ، ثم قال ويقال الصعيد في كلام العرب يطلق على وجوه : على التراب الذي على وجه الأرض وعلى وجه