الأرض وعلى الطريق. وفيه ـ كما ترى ـ دلالة على ان الأصل هو المعنى الأول ، وفي الأساس وعليك بالصعيد أي اجلس على الأرض وصعيد الأرض وجهها. وقال المطرزي في المغرب الصعيد وجه الأرض ترابا كان أو غيره. وفي القاموس الصعيد التراب أو وجه الأرض. ومثل ذلك نقله في المعتبر عن الخليل ونقله ثعلب عن ابن الأعرابي ، ويؤيد ذلك قوله عزوجل «... فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً)» (١) أي أرضا ملساء تزلق عليها باستئصال شجرها ونباتها ، وقوله (صلىاللهعليهوآله) (٢) «يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة على صعيد واحد». أي أرض واحدة ، وبذلك يظهر ما في الاستناد الى الآية في هذا المقام من الاشكال ولا سيما وقد ورد الخبر بتفسير الصعيد في الآية بالمكان المرتفع من الأرض كما رواه الصدوق في معاني الاخبار عن الصادق (عليهالسلام) (٣) قال : «الصعيد الموضع المرتفع والطيب الموضع الذي ينحدر عنه الماء». ومثله في الفقه الرضوي حيث قال (عليهالسلام) (٤) : «قال الله تعالى (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) ، والصعيد الموضع المرتفع عن الأرض والطيب الذي ينحدر عنه الماء». وحينئذ فالأظهر الرجوع الى الاخبار كما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى في موضعه ـ «طَيِّباً» اختلف المفسرون في المراد بالطيب هنا ، فبعضهم على انه الطاهر وهو مختار مفسري أصحابنا ، وقيل هو الحلال وقيل انه الذي ينبت دون ما لا ينبت كالسبخة وأيدوه بقوله سبحانه : «وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ...» (٥) وقد عرفت تفسيره بما في الخبرين المتقدمين ، الا ان الظاهر
__________________
(١) سورة الكهف. الآية ٤٠.
(٢) في معالم الزلفى ص ١٤٥ باب ٢٣ في صفة المحشر عن الباقر «ع» قال : «إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد من الأولين والآخرين عراة حفاة.» وفي تاريخ بغداد ج ١١ ص ١٣١ وج ١٤ ص ١٩٥ عن النبي «ص» «يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة عزلا» وليس في أحاديث أهل السنة كلمة «صعيد واحد».
(٣) رواه عنه المحدث الكاشاني في الصافي في تفسير آية التيمم ٤٣ سورة النساء.
(٤) ص ٥.
(٥) سورة الأعراف. الآية ٥٨.