ولا بأس بذكر بعض عباراتهم في المقام ، فنقول قال في المختلف : «لو لم يوجد إلا الثلج وتعذر عليه كسره وإسخانه قال الشيخان وضع يديه عليه باعتماد حتى تتنديا ثم يتوضأ بتلك الرطوبة بأن يمسح يده على وجهه بالنداوة وكذا بقية أعضائه ، وكذا في الغسل ، فإن خشي من ذلك أخر الصلاة حتى يتمكن من الطهارة المائية أو الترابية. وقال المرتضى : إذا لم يجد إلا الثلج ضرب بيده وتيمم بنداوته وكذا قال سلار. ومنع ابن إدريس من التيمم به والوضوء أو الغسل منه وحكم بتأخير الصلاة الى ان يجد الماء أو التراب. والوجه ما قاله الشيخان ، لنا ـ ان المغتسل أو المتوضئ يجب عليه مماسة أعضاء الطهارة بالماء وإجراؤه عليها فإذا تعذر الثاني وجب الأول إذ لا يلزم من سقوط أحد الواجبين لعذر سقوط الآخر».
أقول : والأصل في الاختلاف هنا هو اختلاف ظواهر الأخبار الواردة في المقام وها أنا أتلوها عليك مذيلا لها ان شاء الله تعالى بما يقشع عنها غشاوة الإبهام ، فأقول : من الاخبار المشار إليها ما قدمناه من صحيحة رفاعة وموثقة زرارة ، ومدلولهما انه لا يجوز استعمال الثلج مع وجود الغبار ، وهو وان كان كذلك في ظاهر كلام أكثر الأصحاب بل ظاهرهم الاتفاق عليه إلا انه سيأتي ما فيه ، ومنها ـ صحيحة محمد بن مسلم عن الصادق (عليهالسلام) (١) قال : «سألته عن رجل أجنب في سفر ولم يجد إلا الثلج أو ماء جامدا؟ قال هو بمنزلة الضرورة يتيمم ولا ارى ان يعود الى هذه الأرض التي توبق دينه». وقوله في هذه الرواية «ولم يجد إلا الثلج» يحتمل ان يراد به انه لم يجد ماء ولا ترابا إلا الثلج وحينئذ فيكون دليلا لما نقل عن المرتضى وسلار وابن الجنيد ، والظاهر انه لما ذكرناه احتج بها لهم في المختلف ، ويحتمل ان يكون المراد ولم يجد ماء وحينئذ فيكون التيمم المأمور به بالتراب ، وبهذا الاحتمال أجاب في المختلف عن الرواية المذكورة ، واحتمل ايضا التجوز بإطلاق اسم التيمم على مسح الأعضاء جميعها بالثلج
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٩ و ٢٨ من أبواب التيمم.