لا يأتي على الوجه كله من جهة أنه يعلق ببعض الكف ولا يعلق بالبعض الآخر قال سبحانه «فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ» وحينئذ فقوله : «لانه علم ان ذلك اجمع لا يجري على الوجه» اي علم ان ذلك الصعيد المضروب عليه وهو المدلول عليه في الرواية بالتيمم بمعنى المتيمم به ، ولا يخفى ما فيه من الاشعار بالعلوق بل الدلالة الصريحة حيث جعل العلوق بالبعض دون البعض علة للعلم بان ذلك لا يجري بأجمعه على الوجه ، وهذا الوجه الذي ذكرناه مبني على كون «من» في الآية للتبعيض وان قوله (عليهالسلام) «لانه علم ان ذلك أجمع. إلخ» تعليل لقوله : «اثبت بعض الغسل مسحا» كما اختاره شيخنا البهائي في الحبل المتين اي جعل بعض المغسول ممسوحا حيث اتى بالباء التبعيضية لأنه تعالى علم ان ذلك الصعيد العالق بالكف لا يجري على الوجه كله لانه يعلق ببعض الكف ولا يعلق ببعضها ، وبذلك يظهر لك دلالة الرواية على اشتراط العلوق ، ومنه يعلم ايضا عدم جواز التيمم بالحجر الخالي كما هو مذهب ابن الجنيد ايضا ، والقائلون بالقول المشهور من عدم اشتراط العلوق وجواز التيمم بالحجر يحملون «من» في الآية على ابتداء الغاية والضمير راجع الى التيمم بالمعنى المصدري كما هو المعبر به في الرواية أو الى الصعيد المضروب عليه كما تقدم ، ولهذا أجاب العلامة في المنتهى وكذا الشهيد في الذكرى عن الاستدلال بالرواية بأن لفظ «من» في الآية مشترك بين التبعيض وابتداء الغاية فلا أولوية في الاحتجاج بها. ولا يخفى ان ظاهر التعليل لا يساعده إذ الإشارة في قوله : «لانه علم ان ذلك اجمع لا يجري على الوجه» انما هي إلى التيمم بمعنى المتيمم به لا بالمعنى المصدري ولا الصعيد المضروب عليه كما ذكروه. وبالجملة فإن ظاهرية كون «من» في الآية للتبعيض بالنظر الى ما ذكرناه مما لا يتجشم إنكاره إلا مع عدم إعطاء النظر حقه من التأمل في المقام ، ولهذا ان صاحب الكشاف مع كونه حنفي المذهب ومذهب أبي حنيفة عدم اشتراط العلوق خالف الحنفية في ذلك واختار في تفسيره هذا الوجه ، وقال (١)
__________________
(١) ج ١ ص ٢٧٠ وقد نسب فيه الى ابى حنيفة عدم اشتراط العلوق.