على أحدهما ترجيح من غير مرجح ، وقد تقرر في قواعدهم ايضا انه إذا قام الاحتمال بطل الاستدلال. واستدل العلامة في المنتهى على ذلك ايضا بعد هذا الخبر قال : وروى ـ يعني الشيخ ـ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن الصادق (عليهالسلام) (١) «ان التيمم من الوضوء مرة واحدة ومن الجنابة مرتان». ولا يخفى ان هذا الخبر مما لم نقف له على وجود في كتب الأخبار ولا نقله ناقل غيره ومن تبعه كالشهيدين في كتب الاستدلال بل هو وهم محض كما نبه عليه المحققان السيد السند في المدارك والشيخ حسن في المنتقى وبذلك يظهر لك انه لا مستند لهذا القول مع ان ظواهر جملة من روايات الغسل (٢) ترده ولا سيما رواية عمار المشتملة على تعليمه التيمم بدلا من الغسل فإنها إنما اشتملت على الضربة ، وأظهر من ذلك دلالة الحديث الحادي عشر على ان تيمم الوضوء والجنابة والحيض سواء ، وبالجملة فضعف هذا القول مما لا ينبغي ان يستراب فيه. واما ما يدل على القول بالضربة الواحدة فالخبر الأول من الاخبار المتقدمة والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع (٣). واما ما يدل على القول بالضربتين فالثامن والتاسع والرابع عشر والثامن عشر. واما ما يدل على الثلاث فالسادس عشر. وأنت خبير بأنه لا ريب في ضعف القول بالثلاث لندرته وان صح مستنده بهذا الاصطلاح فإنه محمول على التقية (٤) كما صرح به جملة من أصحابنا (رضوان الله عليهم) فهو قول مرغوب عنه.
وانما يبقى الكلام في الجمع بين روايات المرة وروايات المرتين ولا يخلو من أحد وجوه : (الأول) ـ ما هو المشهور من الجمع بالتفصيل ، وقد عرفت ما فيه (الثاني) ـ ما ذهب إليه في المنتقى حيث اختار العمل بأخبار التثنية من حمل أخبار المرة على ارادة بيان كيفية المسح دفعا لتوهم شموله لأعضاء الطهارة التي ينوب عنها التيمم كما وقع لعمار.
__________________
(١) تعرض له في الوسائل في الباب ١٢ من أبواب التيمم.
(٢) الظاهر «التيمم».
(٣) والثامن ، ويضاف الى كل من الرقم المتقدم س ٩ والأرقام الآتية عدد واحد.
(٤) حكاه في البحر الرائق ج ١ ص ١٤٥ عن ابن سيرين ومن تبعه.