بالجبهة ويوجب ان يكون ما ذهب إليه الأصحاب من التخصيص خاليا من المستند أو نادر المستند بناء على ما عرفت آنفا ، وهذا الوجه وان كان أقل اشكالا من الأول إلا انه بعيد أيضا غاية البعد. و (ثالثها) وهو الظاهر ان يراد به الجبهة خاصة لمجاز المجاورة ويؤيده ورود الجبين في الاخبار بلفظ الافراد ، وعلى هذا الوجه يتم كلام الأصحاب والظاهر انه هو الذي فهموه من الاخبار المشار إليها واتفقوا على القول به ، وبذلك يظهر انه لا وجه لضم الجبينين إلى الجبهة وجوبا أو استحبابا إذ لا دليل عليه ، ويؤيده هذا الوجه أيضا إطلاق لفظ الجبين على الجبهة في اخبار السجود كما ـ في حسنة عبد الله بن المغيرة وموثقة عمار الدالتين على انه «لا صلاة لمن لا يصيب انفه ما يصيب جبينه» (١). وعلى هذا ايضا تحمل اخبار الوجه فإنه إنما أريد منها الجبهة خاصة ، كما وقع نظيره من اخبار السجود ايضا المختص بالجبهة نصا وفتوى ، كما في صحيحة أبي بصير وحسين بن حماد الدالتين على استواء موضح السجود وموضع القيام ، حيث قال في الأولى (٢) : «اني أحب ان أضع وجهي في موضع قدمي». وفي الثانية (٣) : «في من سجد على موضع مرتفع قال : جر وجهك على الأرض من غير ان ترفعه».
وبالجملة فالمراد في جميع هذه الاخبار انما هو الجبهة خاصة وان اختلفت عبارتها توسعا باعتبار ظهور الحال ومعلومية الحكم يومئذ ، فعبر في بعض بلفظ الجبهة وفي آخر بلفظ الجبين وفي ثالث بلفظ الوجه نظير ما عرفت في باب السجود ، ويوضح ما ذكرناه كلامه (عليهالسلام) في الفقه الرضوي مما قدمنا نقله من الخبر التاسع عشر وقوله : «تمسح بهما وجهك موضع السجود». فعبر بالوجه وأبدل منه موضع السجود وهو الجبهة. وعلى هذا تجتمع الاخبار في الانطباق على كلام الأصحاب (رضوان الله
__________________
(١) رواهما في الوسائل في الباب ٤ من أبواب السجود.
(٢) رواها في الوسائل في الباب ١٠ من أبواب السجود.
(٣) رواها في الوسائل في الباب ٨ من أبواب السجود.