بوجه ابسط ـ وان كان البحث الكامل فيها كما هو حقه موكول الي ذكرها في محلها ان شاء الله تعالى ـ ان يقال اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في الحدث سهوا في الصلاة فالمشهور الابطال به مطلقا وانه لا فرق بين العمد والسهو وعليه يدل إطلاق جملة من الأخبار الآتية ان شاء الله تعالى عند ذكر المسألة ، وقيل بعدم الابطال وانه يتطهر ويبني وعليه تدل أيضا جملة من الأخبار الصحيحة الصريحة ، وحملت على محامل عديدة أقربها التقية ، وقيل انه ان كان سبقه الحدث في الصلاة وهو متيمم تطهر وبنى والا وجب عليه الإعادة ، ذهب اليه الشيخان في المقنعة والنهاية والمبسوط وابن ابي عقيل إلا انه لم يشترط النسيان ، وظاهر الصدوق في الفقيه القول بذلك ايضا حيث نقل فيه صحيحة زرارة الآتية ومن ثم أسنده إليه في الذكرى ، والى هذا القول مال جملة من محققي المتأخرين ومتأخريهم : منهم ـ المحقق في المعتبر والسيد السند في المدارك والفاضل الخراساني في الذخيرة وهو الأظهر ، إلا انه لما انتهت النوبة إلى الأمين الأسترآبادي جرد لسان التشنيع على الشيخ المفيد في الفوائد المدنية بذهابه الى ذلك وحمله الرواية المذكورة عليه ونسب خلافه في هذه المسألة إلى الاستنباطات الظنية ، قال ـ بعد التشنيع عليه بذهابه الى جواز التمسك بالاستصحاب ـ ما صورته : «وذهابه الى ان من دخل في الصلاة بتيمم ثم سبقه الحدث فأصاب ماء يتوضأ ويبني بخلاف من دخل في الصلاة بوضوء وسبقه الحدث فإنه يتوضأ ويستأنف الصلاة مع انه تواترت الأخبار بان الحدث في أثناء الصلاة ينقضها ، والباعث له على ذلك انه كان في بعض الأحاديث لفظ «أحدث» فسبق ذهنه الى حمله على وقوع الحدث من المصلي وغفل عن احتمال ان يكون أمطر السماء بل هذا الاحتمال أظهر معنى كما حققناه في بعض كتبنا ، الى ان قال هذا كله بعد التنزل عن حمله على التقية والصواب حمله على التقية لأن أبا حنيفة ذهب الى ذلك ولكن ما خص الحكم بالتيمم» (١) انتهى. واقتفاه في الحمل على هذا المعنى الكاشاني في الوافي فقال في ذيل
__________________
(١) في بدائع الصنائع للكاساني الحنفي ج ١ ص ٢٢٠ «لا يفسد الصلاة لو سبقه الحدث فيها من غير تعمد فإنه يتوضأ ويبنى في صلاته».