البينة بمقتضى القاعدة المذكورة وثبوت قول العامل في دعوى التلف لدليل خارج لا يقتضي ثبوت قوله مطلقا.
وأما ما علل به من أنه أمين كالمستودع وكل أمين يجب قبول قوله ، ففيه منع كلية الكبرى ، والفرق بين العامل هنا وبين المستودع ظاهر ، فان العامل هنا قبض لنفع نفسه والمستودع قبض لنفع المالك ، وهو محسن محض ، فلا يناسب إثبات السبيل عليه بعدم قبول قوله ، لما فيه من الضرر.
وأما ما علل به هنا من الضرر لو لم يقدم قوله ، فإنه مدفوع بأن الحكم بذلك لما ثبت شرعا كما عرفت من أنه مقتضى القاعدة المتفق عليها نصا وفتوى ، فلا يلتفت الى هذا الاستبعاد ، وهذا الضرر ، فإنه لو تم ذلك لجرى في كل مدعى عليه ، وهو خلاف الإجماع نصا وفتوى.
قال في المسالك بعد ذكر نحو مما ذكرناه : لكن يبقى في المسئلة بحث ، وهو أنه إذا لم يقبل قوله في الرد يلزم تخليده في الحبس لو أصر على إنكاره ، خصوصا مع إمكان صدقه ، وهم قد تحرجوا من ذلك في الغاصب حيث يدعى التلف ، فكيف بثبوته في الأمين ، الا أن يحمل على مؤاخذته ومطالبته به ، وان أدت إلى الحبس للاستظهار به ، الى أن يحصل اليأس من ظهور العين ، ثم يؤخذ منه البدل للحيلولة ، الا أن مثل هذا يأتي في دعوى التلف ، خصوصا من الغاصب ، وليس في كلامهم تنقيح لهذا المحل ، فينبغي النظر فيه انتهى.
أقول : ما ذكره من أنه إذا لم يقبل قوله ـ في الرد يلزم تخليده في الحبس الى آخره ـ لا أعرف له وجها وجيها بحسب نظري القاصر ، وفكرى الفاتر ، وأى موجب للحبس هنا ، وذلك فان المسئلة هنا أحد أفراد مسئلة المدعى والمنكر ، ولا ريب أن الحكم الشرعي فيها هو البينة على المدعى ، والا فاليمين على المنكر ، فإن أقام المدعى البينة على الرد انقطعت الدعوى والا حلف المالك ووجب على مدعى الرد دفع الحق اليه. والنظر الى كونه أمينا غير ملتفت اليه