من مال الولد ، قال في شرح النافع بعد نقل ذلك عنه : ولا بأس بهذا الجمع لو تكافأت الروايات في السند والدلالة ، لكنه محل نظر.
وفيه أن صحيحة محمد بن مسلم الاولى قد صرحت ـ بعد نفي النفقة أو النهي عنها ـ بأنه ينفق عليها من مالها ، وبذلك يظهر أنه لا يتم هذا الجمع ، فنفي البأس عنه إنما نشأ عن الغفلة عن ملاحظة الصحيحة المذكورة ، فإنها صريحة في أنه إنما ينفق عليها من مالها لا من مال الميت ، ولا مال الولد ، ونقل عن الشيخ المفيد في كتاب التمهيد أنه أنكر الحكم بالإنفاق عليها من مال الحمل تمام الإنكار ، فقال : إن الولد إنما يكون له مال عند خروجه إلى الأرض حيا ، فأما وهو جنين لا يعرف له موت من حياة فلا ميراث له ولا مال على الاتفاق ، فكيف ينفق على الحبلى من مال من لا مال له لو لا السهو في الرواية أو الإدخال فيها. انتهى ، كذا نقله عنه ابن إدريس لتأييد ما ذهب إليه.
وقال العلامة في المختلف : والتحقيق أن نقول : إن جعلنا النفقة للحمل فالحق ما قاله الشيخ ، وإن جعلناها للحامل فالحق ما قاله المفيد.
واعترضه السيد السند في شرح النافع فقال : ما ذكره بعيد عن التحقيق ، إذ ليس في الروايات المتضمنة لهذا الحكم (١) دلالة على أن النفقة للحمل بوجه ، وإنما المستفاد منها أن ينفق على الحامل من نصيب الحمل ، فإن وجب العمل بها تعين المصير إلى هذا الحكم مطلقا ، وإن ترجح ردها ـ إما لقصورها من حيث السند أو الدلالة أو لما ذكره المفيد من أن الحمل لا مال له ـ وجب نفي هذا الحكم رأسا كما ذكره المفيد وابن إدريس ، أما التفصيل فلا وجه له ، انتهى.
أقول : الظاهر أن مراد العلامة من هذا الكلام هو الجمع بين أخبار المسألة بحمل ما دل على وجوب الإنفاق عليها من مال ولدها الذي في بطنها ، على أن هذه النفقة للولد لا للحامل ، وحمل ما دل على أنه لا نفقة بالكلية كما دلت عليه
__________________
(١) أي الأمر بالإنفاق (منه ـ قدسسره ـ).