الخامس : أنه يجب الإنفاق على القريب المبغض وإن كان فاسقا أو كافرا لعموم الآية وسائر الأدلة مما تقدم وغيره كقوله عزوجل «وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً» (١) وموردها الكافران ، والفاسقان بطريق أولى ، ومن المصاحبة بالمعروف الإنفاق عليهما.
قالوا : ولا يقدح كونهما غير وارثين لعدم الملازمة بينهما ، وبذلك صرح الأصحاب وأكثر العلماء من غيرهم ، قال الشيخ في المبسوط : كل سبب يجب به الإنفاق من زوجية ونسب وملك يمين فإنا نوجبها مع اختلاف الدين ، كما توجبها مع اتفاقه لأن وجوبها بالقرابة ، وتفارق الميراث لأنه يستحق بالقرابة في الموالاة ، واختلاف الدين يقطع الموالاة.
وأغرب المحقق الشيخ فخر الدين في شرحه على ما نقل عنه في المسالك حيث جعل المانع من الإرث كالرق والكفر والقتل مانعا من وجوب الإنفاق ، قال : وربما نقل عنه أن ذلك إجماعي ، والأمر بخلافه ، لتصريح الأصحاب بنحو ما قلناه ، ولم نقف على مخالف لهم فيه. انتهى ، وأشار بقوله «بنحو ما قلناه» إلى ما قدمه أولا من نحو ما ذكرناه في صدر الكلام.
السادس : المشهور أنه لا يجب إعفاف من تجب نفقته ، والمراد بالإعفاف أن يصيره ذا عفة إما بتزويجه أو يعطيه مهرا يتزوج به أو يملكه جارية أو يعطيه ثمن جارية صالحة له ، ونقل عن بعض الأصحاب القول بالوجوب للأب وإن علا ، لأن ذلك من أهم المصاحبة بالمعروف المأمور بها في الآية ، ولأنه من وجوه حاجاته المهمة ، فيجب على الابن القيام به كالنفقة والكسوة ، والمشهور الاستحباب وهو الأظهر.
وتؤيده الأخبار الدالة على أنه لا يجوز له التصرف في جارية ابنه إلا أن
__________________
(١) سورة لقمان ـ آية ١٥.