وقال الرضا عليهالسلام في كتاب الفقه الرضوي (١) : «ولا يقع إلا على طهر من غير جماع بشاهدين عدلين مريدا للطلاق». ومما يترتب على ذلك طلاق الساهي والنائم والغالط والهازل ، وحال الغضب الذي يرتفع معه القصد ، ومنه أيضا الأعجمي الذي لقن الصيغة ولا يفهم معناها.
بقي الكلام في أنه لو ادعى المطلق عمد القصد ، فقيل : بأنه لا يقبل منه كما في سائر التصرفات القولية من بيع ونحوه ، لأن الظاهر من حال العاقل المختار القصد إلى مدلول اللفظ الذي يتلكم به ، فإخباره بخلاف ذلك مناف للظاهر ، وهو ظاهر اختيار شيخنا الشهيد الثاني في المسالك وسبطه في شرح النافع.
وأطلق جمع من الأصحاب منهم المحقق في الشرائع أن المطلق لو قال «لم أقصد الطلاق» قبل منه ظاهرا ، ودين بنيته باطنا ، وإن تأخر تفسيره ما لم يخرج العدة ، لأنه إخبار عن نيته ، وظاهره أن العلة في قبول قوله هو كون ذلك إخبارا عن نيته ، إذ لا يمكن الاطلاع عليها إلا من قبله ، فكان قوله مقبولا كنظائره من الأمور التي لا تعلم إلا من المخبر ، وهو جيد فيما إذا وقع ذلك في العدة الرجعية لأن ذلك يعد رجعة كإنكار الطلاق.
وإنما الإشكال في العدة البائنة ، فإن ظاهر كلامه أن العدة فيه أعم من الرجعية والبائنة ، ووجه الاشكال فيها أن الزوجية فيها زائلة بالكلية ، فحكمها في ذلك حكم ما بعد العدة الرجعية ، فكيف يتم قبول قوله في هذه الحال؟ على أنك قد عرفت معارضة ما ذكره من العلة بما قدمنا ذكره في علة القول الأول من أن الظاهر من حال العاقل المختار. إلخ.
ولو قيل : إن الأصل مرجح عليه هنا ، للزم مثله في البيع ونحوه من العقود والإيقاعات ، مع الاتفاق منهم على عدم قبول قبوله في عدم القصد فيها ،
__________________
(١) فقه الرضا ص ٢٤١ ، مستدرك الوسائل ج ٣ ص ٤ ب ١٠ ح ٦.