إذ لا يعرف هنا وجه خصوصية لهذه الصيغة دون غيرها ، مثل قوله أنت من المطلقات أو أنت طلاق ، بل هي أبلغ من قوله أنت طالق ، كما صرحوا به ، لأنهم متى أرادوا المبالغة في فاعل عدلوا به إلى لفظ المصدر ، فيقولون في عادل عدلا ، مبالغة لأنه أبلغ منه.
والمحقق في الشرائع رد هذا القول بأنه بعيد عن شبه الإنشاء ، لأنه إخبار عن وقوع الطلاق فيما مضى ، والأخبار غير الإنشاء.
واعترضه في المسالك بأن المصنف على ما تكرر منه مرارا وكذا غيره يجعلون لفظ الماضي أنسب بالإنشاء ، بل قد جعله في النكاح صريحا في الإنشاء ، فما الذي عدا فيما بدا؟ وقولهم إن نقل الاخبار إلى الإنشاء على خلاف الأصل مسلم ، لكن يطالبون بالفارق بين المقامين ، والموجب لجعله منقولا في تلك المواضع دون هذا ، فإن جعلوه النص فهو ممنوع ، بل ورد في الطلاق ما هو أوسع كما ستراه. وإن جعلوه الإجماع فالخلاف في المقامين موجود في صيغ كثيرة. انتهى ، وهو جيد متين بل جوهر ثمين.
وحينئذ فالحق في رد القول المذكور إنما هو عدم النص الدال على وقوع الطلاق بهذه الصيغة ، وقد عرفت أصالة استصحاب الحكم بالنكاح حتى يثبت الرافع شرعا ، والذي استفيد من الأخبار المتقدمة إنما هو صيغة طالق بإضافة ما يعين المطلقة ، ويبقى الباقي على أصالة المنع ، وهذا هو الحق في الجواب : مضافا إلى ما أشرنا إليه من أن اللازم من القول بهذه الصيغة القول بغيرها من صيغ الكنايات من هذه المادة ، وهو لا يلتزمه ولا يقول به.
(ومنها) ما لو قال : طلقت فلانة ، فقال الشيخ : إنه لا يقع به طلاقا ، قال : لأنه إخبار لا إنشاء.
وفيه (أولا) أن أكثر صيغ العقود المقصود بها الإنشاء إنما عبر فيما بلفظ الماضي الذي هو صريح في الاخبار ، فنقلوه إلى الإنشاء في تلك العقود ، مثل بعت