السنة النبوية والشريعة المحمدية صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكل ما خالفها فهو باطل البتة ، حتى أنه عليهالسلام في الحديث الأخير حكم ببطلان النكاح ، ومورده كما ترى مورد تلك الأخبار لأنه قال فيه : «إنه جعل أمر امرأته بيدها» وهذا هو معنى التخيير فهو أصرح الأخبار في بطلان التخيير ، إذ لو كان ذلك سائغا كما يدعونه لصح شرطه في العقد ولم يحكم ببطلان النكاح ، والخبر كما ترى على خلافه.
وظاهر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك ـ باعتبار تصلبه في العمل بهذا الاصطلاح المحدث ـ ترجيح القول بالوقوع لرجحان أخباره بالكثرة والصحة والصراحة ، قال ـ رحمهالله ـ : وأجاب المانعون عن الأخبار الدالة على الوقوع بحملها على التقية ، ولو نظروا إلى أنها أكثر وأوضح سندا وأظهر دلالة لكان أجود ، ووجه الأول واضح ، والثاني أن فيها الصحيح والحسن والموثق ، وليس فيها ضعيف ، بخلاف أخبار المنع ، فإن فيها الضعيف والمرسل والمجهول.
أقول : لا يخفى أن الحمل على التقية لا تنافيه صحة الأخبار وتكاثرها ، بل لو ادعي كون ذلك مؤكدا للحمل على التقية لكان أقرب لشيوع التقية وخفاء الحق الواقعي بتلك البلية ، فلا جرم قلت أخباره وقل انتشاره على أن هذا الاصطلاح المحدث لا وجود له عند أصحابنا المتقدمين ، بل الأخبار كلها صحيحة عندهم بهذا الاعتبار ، وإنما الضعف بوجوه أخر لا تعلق لها بالسند كما تقدم تحقيقه في مقدمات الكتاب في أول جلد كتاب الطهارة (١) ، والقاعدة المروية عنهم عليهمالسلام في تعارض الأخبار صادقة على الجميع ، لا اختصاص لها بمادة دون اخرى ، ولا ريب في صدقها على ما نحن فيه ، فيجب العمل بمقتضاها ، إلا أنه لما كانت هذه القاعدة مطرحة في كلامهم ـ كما لا يخفى على من خاض بحور نقضهم
__________________
(١) الحدائق ج ١ ص ١٤.