قال في المسالك : وفيه جمع بين الأخبار ، وفيه أنه لا يكاد يشم لهذا التفصيل ولا لهذا العوض رائحة في الأخبار بالكلية ، وكيف يكون جمعا بينها مع أنه لا إشارة في شيء من الأخبار إليه فضلا عن الدلالة الظاهرة عليه ، بل ظاهر سياق الأخبار المذكورة بل صريحها أن كلا من الأمرين إنما يترتب على مجرد التخيير ، ولا دليل على العوض بالكلية ولا سيما رواية بريد الكناسي وحسنة حمران ، فإنهما تناديان بأوضح دلالة على أن نفي الميراث وانقطاع العصمة والبينونة وعدم الرجعة إنما يترتب على اختيارها نفسها خاصة ، ودعوى كون ذلك بعوض إنما هو من قبيل الرمي في الظلام والقياس في الأحكام الذي منعت منه شريعة الملك العلام ، إذ مرجع ما ذكروه إنما هو إلى أنه حيث ثبت ذلك في الطلاق بعوض أثبتناه في التخيير إذا كان ثمة عوض بل هذا أشد بعدا لعدم الجامع بين المقيس والمقاس عليه.
وبالجملة فإن بعد هذا القول في المقام مما لا يخفى على ذوي الأفهام ، إلا أن شيخنا المذكور لما كان مائلا إلى القول بالتخيير كما عرفت تشبث في الذب عنه بذلك.
وأما قوله أيضا على أثر ما تقدم ـ ويمكن الجمع بينها بحمل البائن على تخيير من لا عدة لها كغير المدخول بها واليائسة والرجعي على من لها عدة رجعية لأن التخيير جائز للجميع على القول به ـ فهو في البعد مثل سابقه ، فإن سياق أخبار التخيير ينادي بأفصح لسان وأوضح بيان بأن ما تضمنته تلك الأخبار من الأحكام إنما ترتب على التخيير ، بمعنى أنه متى خيرها واختارت نفسها لزم كذا وكذا ، أعم من أن تكون ذات عدة أم لا ، ومقتضى ما ذكره من احتمال الجمع بما ذكر إنما هو ترتب البينونة وعدم الإرث وعدم الرجعة على عدم الدخول بها أو على كونها يائسة ، والأخبار خالية من الاشعار به ، بل ظاهرها كما عرفت إنما هو ترتب ذلك على مجرد التخيير ، وبالجملة فإن مقتضى إطلاق هذه الأخبار