السنة بالمعنى الأخص يقتضي اختصاصه بذات العدة ، وأنه يشمل العدة البائنة والرجعية ، وفي كثير من الأخبار كالذي أسلفناه ما يدل على اختصاصه بالعدة الرجعية ثم لا يراجع فيها ، والوجه لحوق أحكامه بكل طلاق لا يلحقه رجعة ، سواء كان ذلك لعدم العدة أم لكونها بائنة ، أم لكونها رجعية ولم يرجع ، فإنها لا تحرم به في التاسعة مؤبدا ، لاختصاص ذلك الحكم بطلاق العدة ، ولصدق عدم الرجعية في جميع ما ذكرناه ، انتهى.
أقول : ما ذكره ـ رحمهالله ـ من دلالة الأخبار على اختصاص طلاق السنة بذات العدة الرجعية التي لم يرجع فيها جيد كما لا يخفى على من تأمل الأخبار التي قدمناها ، فتعريفه بما يدخل فيه غير هذا الفرد من العدة البائنة أو غير ذات العدة غير جيد.
نعم لما كان التحريم في التاسعة مقصورا في الأخبار على طلاق العدة ومشروطا فيه المراجعة في العدة والمواقعة بعد الرجعة كان ما عداه من الأقسام المذكورة لا تحرم بها المرأة في التاسعة ، فهو حكم ثابت لطلاق السنة وغيره من الأفراد المذكورة.
وثالثها : المشهور بين الأصحاب أنه إذا طلق زوجته طلاق السنة المتقدم شرحه فإنها بعد الثالثة لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، وهذا الطلاق يفارق طلاق العدة في أن المطلقة به لا تحرم مؤبدا ، بخلاف طلاق العدة فإنها تحرم بعد التاسعة مؤبدا ، وهو محل وفاق على ما نقله في المسالك ، ويشاركه بناء على المشهور في عدم الحل بعد الثالثة حتى تنكح زوجا غيره.
ونقل عن عبد الله بن بكير أن هذا الطلاق ـ أعني طلاق السنة ـ لا يحتاج إلى محلل بعد الثلاثة (١) بل استيفاء العدة الثالثة بهدم التحريم ، وهو ظاهر الصدوق
__________________
(١) والظاهر أنه لا خلاف فيما عدا طلاق السنة من أنواع الطلاق في أنه بعد الثالثة يتوقف على المحلل ، وانما محل الخلاف المنقول عن ابن بكير هو طلاق السنة خاصة ، ومحل الاختلاف في الاخبار أيضا انما هو طلاق السنة خاصة. (منه ـ قدسسره ـ).