نعم يبقى الكلام فيما دلت عليه رواية بريد من اعتبار الشهر في طلاق العدة هنا ، والواجب تقييد ما أطلق من الأخبار بها إذ لا معارض لها ـ مع قوة سندها ، فإن رواتها غير الراوي المذكور من الثقات الإمامية ـ إلا إطلاق الأخبار المذكورة ، وهي قابلة للتقييد بها ، وحينئذ فمتى راجع وواقع لم يجز له الطلاق إلا بعد مضي شهر من يوم المواقعة ، ويحتمل بالنسبة إلى موثقتي إسحاق بن عمار العمل بظاهرهما من جواز الطلاق ثانيا بعد المراجعة من غير مواقعة ، وإن لم يكن عديا ولا سنيا بالمعنى الأخص بل بالمعنى الأعم ، ولعله أظهر ، وقد تلخص مما ذكرنا أنه متى أراد الطلاق للسنة وليس له أن يطلقها إلا طلقة واحدة ويتركها حتى تضع حملها وإن أراد الطلاق للعدة ، فإن رجع وواقع فليس له الطلاق ثانيا إلا بعد مضي الشهر ، فإن لم يواقع بناء على ما ذكرنا من الاحتمال فله أن يطلقها متى شاء ، وحينئذ فيثبت للحامل طلاق السنة بالمعنى الأخص وطلاق العدة خاصة بناء على كلام الشيخ ومن تبعه ، وطلاق السنة بالمعنى الأعم بناء على ما ذكرناه من الاحتمال عملا بإطلاق الموثقتين المذكورتين.
ومن ذلك يعلم أنه متى كان محل الخلاف هو الطلاق الثاني ـ كما هو ظاهر كلام الأصحاب وبه صرح في المسالك وغيره ـ في غيره ـ فإنه لا يجري ذلك في طلاق السنة لما عرفت آنفا ، وإنما تطلق للعدة خاصة بقاء على كلام الشيخ ، وللسنة بالمعنى الأعم على ما ذكرناه من الاحتمال ، فما ذكره ابن إدريس ومن تبعه من المتأخرين ـ ومنهم شيخنا في المسالك من جواز تطليقها مطلقا كغيرها ـ لا أعرف له وجها.
قال في المسالك بعد البحث في المسألة ما صورته : والحق الاعراض عن هذه التكلفات التي لم يدل عليها دليل ، والرجوع إلى حكم الأصل من جواز طلاق الحامل كغيرها مطلقا ، بشرائطه وعدم الالتفات إلى هذه الأخبار الضعيفة الاسناد المتناقضة الدلالة ، وما فيها من الصحيح ليس فيه ما ينافي الجواز وحمل أخبار النهي