وليس الحكم مختصا بالطلاق الثاني بل بهما معا ، بمعنى أن من أراد طلاق المرأة للعدة أزيد من مرة فليس له ذلك ، ولا يتحقق إلا بالمراجعة والوطء ليصير الثاني عديا أيضا ، وليصير الثالث بحكمها لتحرم في الثالثة عليه قطعا بخلاف ما لو طلقها على غير هذا الوجه ، فإن فيه أخبارا تؤذن بعدم التحريم لعدم نقضها ، انتهى.
هذا ، وعندي فيما ذهب إليه الشيخ ـ رحمهالله ـ من الجمع المذكور نظر من وجوه : (أحدها) ما ذكره في المسالك في بيان أحد وجهي التحكم الذي نسبه المحقق إلى الشيخ من أن الحمل على الطلاق العدي يوجب اشتراطه بسبق الوطء مع أن الشرط فيه إنما هو تأخر الوطء.
وما أجاب به شيخنا الشهيد الثاني عنه ـ من أن الوطء الذي جعل معتبرا في الطلاق ثانيا يجعل الطلاق السابق عديا. إلى آخره ـ ينافي ما صرح به الشيخ من أن مراده بالطلاق العدي هو الثاني لا الأول. فإنه قال في كتاب الاستبصار (١) ـ بعد أن نقل في حيز «أما» صحيحة عبد الحميد الطائي المتقدمة وصحيحة محمد بن مسلم الدالتين على أن الرجعة بغير جماع رجعة ـ ما صورته : فالوجه في هذين الخبرين أنه يكون رجعة بغير جماع ، بمعنى أنه يعود إلى ما كان عليه من أنه يملك مواقعتها ، ولو لا الرجعة لم يجز ذلك ، وليس في الخبر أنه يجوز له أن يطلقها تطليقة أخرى للعدة وإن لم يواقع ، ونحن إنما اعتبرنا المواقعة فيمن أراد ذلك ، فأما من لا يريد ذلك فليس الوطء شرطا له. انتهى ، وهو صريح في أن مراده بالطلاق العدي هو الثاني المسبوق بالمواقعة كما لا يخفى.
وقال أيضا ـ بعد إيراد صحيحة البزنطي وحسنة أبي علي بن راشد المتقدمتين الدالتين على وقوع الطلقة الثانية وجوازها بعد المراجعة من غير جماع ـ ما لفظه : لأنه ليس في هذه الأخبار أن له أن يطلقها طلاق العدة ، ونحن إنما نمنع أن يجوز له أن يطلقها طلاق العدة ، فأما طلاق السنة فلا بأس أن يطلقها بعد ذلك
__________________
(١) الاستبصار ج ٣ ص ٢٨١ بعد الحديث ٣ و ٤.