ومن أظهر الأدلة (١) أيضا ما سيظهر لك إن شاء الله من أن المقتضي لإرث الزوجة في صورتي العدة البائن وبعد الخروج من العدة الرجعية إنما هو التهمة بمنعها من الإرث ، وهذه العلة منتفية من جانب الزوج كما لا يخفى.
واعلم أنه قد احتج في المسالك للقول المشهور بموثقة زرارة المتقدمة ، ثم قال في تقريب الاستدلال بها : وقيد الرجعة لا يصلح في ميراثها إجماعا لثبوته مطلقا فيبقى في ميراثه وللقرب ، وإذا انتفى القيد انتفى الحكم تحقيقا لفائدته. ثم استدل له بحسنة الحلبي التي تقدم وصفها بصحيحة الحلبي (٢) ، ثم قال : وليس ذلك في الرجعي لاتفاقهما في الحكم فهو في البائن ، ثم قال : وحجة الشيخ وأتباعه روايات تدل بظاهرها على ثبوت التوارث بينهما من غير تفصيل ، والأخبار من الجانبين غير نقية ، والأولى الرجوع إلى حكم الأصل ، والوقوف على موضع الوفاق ، وهو دال على الأول ، انتهى.
أقول : أما تقريب الاستدلال بموثقة زرارة كما ذكره فهو إنما يتم لو كان موردها طلاق المريض ليترتب عليه صحة قوله ، وقيد الرجعة لا يصلح في ميراثها إجماعا لثبوته مطلقا ، مع أن الرواية كما عرفت مطلقة شاملة للصحيح والمريض ، فلا يتم ما ذكره ، وكذا التعليل بالقرب إنما يتجه على كون موردها المريض ، وإلا فهو لغو ، فالحق أن الاستدلال بها إنما هو بالتقريب الذي قدمناه ، وأما استدلاله بحسنة الحلبي ، ففيه أنه لو حمل قوله «وإن ماتت لم يرثها على الطلاق البائن» لنافى قوله «وإن ماتت ورثته» كما تقدمت الإشارة إليه في كلام سبطه
__________________
(١) واستدل في شرح النافع على ذلك أيضا بصحيحة الحلبي المتقدمة بحملها على الطلاق البائن ، مع أنه قد اعترض ذلك في صدر كلامه بأنه ينافيه قوله فيها «فان مات ورثته» والأظهر انما هو حمل الصحيحة المذكورة على الخروج من العدة كما ذكرناه في الأصل ، فلا يكون من محل الاستدلال في شيء. (منه ـ قدسسره ـ).
(٢) الكافي ج ٦ ص ١٢٣ ح ١١.