بل المخبر بذلك إنما هو عبد الله المذكور ، وقوله ليس بحجة شرعية ، سيما مع معارضة خبر زرارة الدالة على أن عليا عليهالسلام كان يقول إنها على ما بقي من الطلاق ، وهي صريحة في أن مذهب علي عليهالسلام هو القول بعدم الهدم ، والراوي عنه ابنه الباقر عليهالسلام ، ولا تعارضه رواية عبد الله بن عقيل عنه عليهالسلام خلافه.
(وثانيا) أن العامة مختلفون في المسألة أيضا على ما نقله الشيخ في الخلاف (١) ، والقول بالهدم منقول عن أبي حنيفة وأبي يوسف وابن عمر ، وليس حمل أخبار عدم الهدم على التقية كما ذكره الشيخ بأولى من حمل رواية رفاعة الشاذة النادرة عليه ، سيما مع ما علم من كتب السير والتواريخ من شيوع مذهب أبي حنيفة في زمانه وقوته ، وهو في عصر الصادق عليهالسلام المروي عنه القول بالهدم ، وحينئذ فلا يبعد حمل رواية رفاعة الدالة على الهدم على التقية.
ويؤيده أن المنقول في كتب السير والأخبار أن شهرة هذه المذاهب الأربعة إنما كان قريبا من سنة خمس وستين وستمائة ، واستمر الأمر إلى هذا الزمان وأما في الأعصار السابقة فإن المعتمد في كل زمان على من اعتنت به خلفاء الجور وقدموه للقضاء والفتيا وإليه يرجع الحكم في جميع البلدان ، وكان المعتمد في زمن أبي حنيفة على فتاويه ، وفي زمن هارون الرشيد وهو في عصر مولانا الكاظم عليهالسلام على فتاوي أبي يوسف تلميذ أبي حنيفة ، قالوا : قد استقضاه الرشيد واعتنى به حتى لم يقلد في بلاد العراق والشام ومصر إلا من أشار إليه أبو يوسف ، وفي زمن المأمون كان الاعتماد على يحيى بن أكثم القاضي ، وفي زمن المعتصم على أحمد ابن أبي داود القاضي ، وإذا كان الأمر كذلك فيجوز أن يكون المشهور في عصر مولانا الصادق عليهالسلام الذي عليه عمل العامة ، وإليه ميل قضاتهم وحكامهم هو القول بالهدم بل هو الواقع ، لأن اعتماد العامة في وقت الصادق عليهالسلام كان على أبي حنيفة القائل بالهدم ، فالتقية منه لشيوع مذهبه في تلك الأيام ، وإن كان نادرا في وقت
__________________
(١) الخلاف : ج ٣ كتاب الطلاق «مسألة ٥٩».