المسألة ليس بموضع إشكال عندهم كما يعرف من كلامهم ، وإن كان عندي أيضا فيها توقف ، وهذه هي المسألة التي وقع النزاع فيها بين الشيخ الثقة الجليل زين الدين علي بن سليمان القدمي البحراني والشيخ أحمد ابن الشيخ محمد بن علي بن يوسف بن سعيد المشاعي الاصبعي ، وقد حكم الشيخ أحمد بقبول الدعوى مع قبول البينة ، وألحقها بالأول ومنع الثاني ، وخالفه الشيخ علي وحكم بها للثاني ولم يسمع دعوى الأول احتجاجا بأن الرجوع لا بد فيه من الاعلام في العدة ، والنكاح قد وقع صحيحا مطابقا للشرع ، فلا يكفي الرجوع الذي لم يحصل العلم به إلا بعد التزويج ، واستفتيا فيها فقهاء العصر وكتبا فيها إلى سائر البلدان كشيراز وأصفهان ، فصححوا كلام الشيخ أحمد وخطأوا الشيخ عليا ، والحق أن هذا هو ظاهر كلام الأصحاب لأنهم لم يشترطوا في صحة الرجوع الاعلام ، وليس هو من باب عزل الوكيل ـ كما يجيء بيانه ـ وإن كان لي فيها تأمل لعدم النص الصريح في المسألة ، انتهى كلامه.
أقول : لا ريب أن ظاهر كلمة الأصحاب الاتفاق على القول بأنه يملك رجعتها متى رجع في العدة وإن لم يبلغها الخبر ، وأنه بالإشهاد على الرجعة يسترد نكاحها لو نكحت غيره مع عدم بلوغها الخبر.
قال في المسالك : الرابع : أن يقع النزاع بعد ما نكحت ، ثم جاء الأول فادعى الرجعة سواء كان عذرهما في النكاح لجهلهما بالرجعة أم نسبتهما إلى الخيانة والتلبيس نظر ، فإن أقام عليها بينة. إلى آخر ما تقدم.
وقال العلامة في القواعد ولا يشترط علم الزوجة في الرجعة ولا رضاها ، فلو لم تعلم وتزوجت ردت إليه ، وإن دخل الثاني بعد العدة ولا يكون الثاني أحق بها. انتهى ، وعبارته وإن كانت مطلقة بالنسبة إلى ثبوت الرجعة وعدمه إلا أن مراده بعد الثبوت بالشهادة لما صرح به قبيل هذا الكلام من قوله «ويستحب الاشهاد» وليس شرطا ، لكن لو ادعى بعد العدة وقوعها فيها لم تقبل دعواها إلا بالبينة.