وأما في الأثناء كما عبر به المحقق في الشرائع حيث قال : أما لو رأت في الثالث حيضا وتأخرت الثانية أو الثالثة صبرت تسعة أشهر لاحتمال الحمل ، ثم اعتدت بعد ذلك بثلاثة أشهر. إلخ.
ونحوها عبارته في النافع أيضا (١) وهو كما ترى صريح في أن الصبر تسعة أشهر إنما هو لاحتمال الحمل ، فلو لم يكن محتملا لم يجب عليه الصبر المدة المذكورة ، ولا ما ذكر بعد ذلك.
وقال ابن إدريس في السرائر بعد نقل كلام النهاية المتقدم : والذي يقوى في نفسي أنها إذا احتبس عنها الدم الثالث بعد مضي تسعة أشهر اعتدت بعدها بثلاثة أشهر تمام السنة لأنها تستبرئ بتسعة أشهر وهو أقصى مدة الحمل ، فيعلم أنها ليست حاملا ثم تعتد بعد ذلك عدتها وهي ثلاثة أشهر. إلخ. وهو صريح أيضا فيما قلناه ، فإن الغائب عنها زوجها قد علم أنها ليست حاملا من أول الأمر فلا يحتاج إلى التربص تسعة أشهر ، وهو ظاهر ، إلى غير ذلك من عباراتهم. (٢)
وبالجملة فإن ما ذكره ـ رحمة الله عليه ـ من الكلام المذكور بمحل من القصور كما عرفت ، وبذلك يظهر أيضا ما في الذي نقله عن الشهيد من الاحتمال فإنه أبعد بعيد في هذا المجال ، إذ المفهوم من الأخبار أن التسعة إنما هي من حيث احتمال الاسترابة بالحمل ، وهو الموافق للأصول كما اعترف به وعبر عنه بظاهر الحكم لا في مقام يقطع فيه بعدمه ، بل الظاهر إنما هو الخروج بالثلاثة البيض الحاصلة قبل بلوغ التسعة.
__________________
(١) أقول : قال السيد السند في شرح النافع ـ بعد قول المصنف : صبرت تسعة أشهر لاحتمال الحمل ـ ما لفظه : ويستفاد من التعليل باحتمال الحمل أنه لو علم انتفاؤه بغيبة الزوج ونحوه لم يجب عليها التربص كذلك بل تعتد بثلاثة أشهر. انتهى ، ومنه يعلم ضعف ما ذكره جده ـ قدسسره ـ وتوهمه من إطلاق عبارات الأصحاب. (منه ـ قدسسره ـ).
(٢) وقال في القواعد : أما لو رأت الدم في الثالث وتأخرت الحيضة الثانية والثالثة صبرت تسعة أشهر لتعلم براءة رحمها ثم اعتدت بعد ذلك ثلاثة أشهر ،. إلخ ، فانظر الى تعليله الصبر إلى التسعة بالعلم ببراءة رحمها ، فلو كان براءة الرحم معلومة كما في زوجة الغائب فإنه لا يوجب الصبر تسعة أشهر. (منه ـ قدسسره ـ).