الشرع ، ومقتضى كلام الفيومي في المصباح أن الخلع بالمعنى الشرعي مأخوذ من الخلع بالفتح بمعنى النزع من حيث إن كلا منهما لباس للآخر كما أشار إليه الآية «هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ» (١) وكأنه بمفارقة أحدهما الآخر على هذه الكيفية نزع لباسه.
والمبارأة بالهمزة وقد تخفف ألفا : المفارقة. قال في القاموس (٢) : بارأه : فارقه ، والمرأة صالحها على الفراق.
وقال الجوهري (٣) : تقول : بارأت شريكي إذا فارقته ، وبارأ الرجل امرأته والمراد هنا إبانتها بعوض مقصود لازم للزوج ، ويفترقان باختصاص الخلع بكراهتها له خاصة ، والمبارأة باشتراكهما في الكراهة وفي أمور أخر يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.
قال في المسالك : واعلم أن الفرقة الحاصلة على العوض تارة تكون بلفظ الخلع والمبارأة فيلحقها حكمهما ، وتارة تكون بلفظ الطلاق ، فيكون طلاقا بعوض ليس بخلع ، لكن جرت العادة بالبحث عنه في كتاب الخلع ، لمناسبة له في كونه إبانة بعوض ، لكنه يخالفه في بعض الأحكام ، فإنه طلاق محض يلحقه أحكام الطلاق بأسرها ، ويزيد عليه العوض ، وله أحكام تخصه زيادة على أصل الطلاق سيأتي إن شاء الله تعالى بيانها ، انتهى.
ثم إن الظاهر من كلام جل الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ أن الخلع ليس بواجب ، وظاهر الشيخ في النهاية وجوبه متى قالت تلك الأقوال ، قال في الكتاب المذكور : إنما يجب الخلع إذا قالت المرأة لزوجها : إني لا أطيع لك
__________________
(١) سورة البقرة ـ آية ١٨٧.
(٢) القاموس المحيط ج ١ ص ٨.
(٣) الصحاح ج ١ ص ٣٦.