وأما تركه الحق الواجب فلما ذكرناه من أنه بمجرده لا يدل على الإكراه بوجه ، وكذا لو قصد بترك حقها ذلك ولم يظهره لها ، أما لو أظهر لها أن تركه لأجل البذل كان ذلك إكراها ، وأظهر منه ما لو أكرهها على نفس البذل.
وما ذكره المصنف قول الشيخ في المبسوط : ووافقها عليه العلامة في الإرشاد ، وفي التحرير نسب القول إلى الشيخ ساكتا عليه مؤذنا بتردده فيه أو ضعفه ، وفي القواعد قيد حقوقها بالمستحبة ، ومفهومه أنه لو منع الواجبة كان إكراها ـ وهذا القول نقله الشيخ في المبسوط أولا عن بعض العامة ، ثم قال : ـ الذي يقتضيه مذهبنا أنه ليس بإكراه وهو المعتمد. انتهى كلام شيخنا المذكور وهو كما ترى مع كلام المصنف صريح الدلالة في أنه يكفي في صحة الخلع الكراهة الحاصلة من مضارة الزوج بمنع النفقة أو القسمة أو حصول التزويج عليها أو نحو ذلك من موجبات النفور والكراهة العارضة.
وظاهره في المسالك أنه لا نزاع ولا خلاف في صحة الخلع في هذا المقام وإنما الإشكال من جهة أن ذلك يستلزم الإكراه على الفدية أم لا؟ والذي اختاره ـ قدسسره ـ واعتمده أنه ما لم يظهر أن ترك الحقوق لأجل الفدية فليس ذلك إكراها ، وحينئذ فيصح الخلع كما هو صريح عبارة المصنف.
وقال أيضا في المسالك ـ في باب الخلع عند قول المصنف «ولو أكرهها على الفدية فعل حراما» ـ ما صورته : ولا يتحقق الإكراه بتفسيره في حقوقها الواجبة لها من القسم والنفقة ، فافتدت منه لذلك على الأقوى ، إلا أن يظهر أن ذلك طلبا لبذلها ، فيكون إكراها لصدق تعريفه عليه. ثم أحال ذلك على ما تقدم في باب الشقاق ، وهو ما قدمنا نقله عنه ، وأشار بقوله «على الأقوى» إلى الرد على ما يفهم من ظاهر عبارة القواعد ، وهو الذي نقله الشيخ في المبسوط عن بعض العامة.
وقال في شرح اللمعة في بحث النشوز : وليس له منع بعض حقوقها لتبذل له مالا ليخلعها ، فإن فعل فبذلت أثم وصح قبوله ، ولم يكن إكراها.