أجنبي غير رافع للنكاح وإن كان بنية الرجوع ، لما عرفت من اختصاص النصوص بكون المدفوع من مالها.
ومما يؤيد ما ذكرناه من عدم صحة هاتين الصورتين الأخبار الدالة على جواز رجوعها فيما بذلته ، وأن للزوج الرجوع فيها ، فإن ظاهرها اختصاص الرجوع بما بذلته ، وهي في هاتين الصورتين لم تبذل شيئا ، وإنما بذله ذلك الأجنبي ، غاية الأمر أن في إحداهما على وجه الرجوع وأنه يكون قرضا عليها ، وهذا لا يصدق به الرجوع فيما بذلته إلا بنوع من التأويل والتكلف البعيد.
ويؤيد ما ذكرناه أيضا ظاهر الآية ـ أعني قوله «فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ» ـ وهي في هاتين الصورتين لم تفتد بشيء ، وإنما فداها الأجنبي وبموجب ظاهر الآية لا تحل الفدية للزوج لبقائه تحت الجناح بحيث إنها لم تفتد ، والجناح إنما ارتفعت عما افتدت به دون ما فداها الغير إلا بارتكاب التأويلات البعيدة والتكلفات الغير السديدة.
وبالجملة فالحكم المذكور غير خال عندي من الاشكال ، وذكر جملة من الأصحاب أن المخالف في هذه المسألة من أصحابنا غير معلوم على التعيين ، إلا أنه مذهب جمهور الجمهور ، وربما علل بأن البذل افتداء ، وهو جائز من الأجنبي كما تقع الجعالة منه على الفعل لغيره وإن كان طلاقا.
ورد بأن البذل المتنازع في صحة ما اقتضى جعل الطلاق معه خلعا لتترتب عليه أحكامه المخصوصة لا مجرد بذل المال في مقابلة الفعل على وجه الجعالة ، كأن يقول : طلق زوجتك وعلي ألف من مالي مثلا ، فإن الفرض هنا صحة وقوع الطلاق ، ولا مانع من صحته ولا من صحة الجعالة عليه ، لكن لا يشترط هنا في إجابته المقارنة لسؤاله ولا الفورية ، ويكون الطلاق رجعيا من هذه الجهة ، انتهى وهو جيد. وكيف كان فضعف القول المذكور أظهر من أن يخفى.
قيل : ولو قلنا بصحة الخلع الواقع مع بذل الأجنبي فهل للأجنبي أن يرجع