الأخبار لا يجوز خلعها ، بل أن الذي شاهدناه من مشايخنا (١) بل هو ظاهر متأخري أصحابنا هو الاكتفاء بما هو دون هذه المرتبة. (٢)
ويشكل أيضا بما لو لم تقل أمثال هذه الأقوال ، فإن النصوص على كثرتها متفقة على أنه لا يحل أخذ شيء منها ، ولا يصلح خلعها حتى تقول ذلك ، حتى أنها دلت على أنه لا بد أن تكون تلك الأقوال منها دون أن يعلمها غيرها ، والمفهوم من كلام متأخري الأصحاب عدم اشتراط ذلك لأنهم جعلوا مناط الخلع حصول الكراهة منها ، ولم يشترط أحد منهم الإتيان بهذه الأقوال بالفعل ، بل كلما دل على الكراهة من لفظ أو فعل أو نحو ذلك فهو كاف في صحة الخلع وترتيب أحكامه عليه.
ولم أقف على من تنبيه لهذين الإشكالين في المقام إلا السيد السند في شرح النافع ، فإنه تنبه للإشكال الأول منهما ، فقال بعد نقل كلام ابن إدريس المذكور : وعلى هذا فيشكل وقوع الخلع في كثير الموارد إذا لم يعلم وصول الكراهة من الزوجة إلى هذا الحد. انتهى ، وقد غفل عن الإشكال الثاني مع أنه أشد وأعضل ، فإن كثيرا من النساء وإن كرهن كراهة تامة إلا أنهن لا يهتدين إلى هذه الأقوال ولا أمثالها ، والنصوص كما ترى ظاهرة في اشتراطها وكذا ظاهر كلام ابن إدريس.
__________________
(١) حيث انهم قد صرحوا بأنه لو منعها شيئا من حقوقها الواجبة كالقسمة والنفقة فبذلت له مالا ليخلع صح خلعها ، وان فعل محرما الا أنه منفك عن الخلع ، وكذا لو أغارها وتزوج عليها فبذلت له مالا للخلع منه فإنه يصح خلعها ، ومن المعلوم أن الكراهة الحاصلة بهذه الأمور لا تبلغ الى تلك المرتبة المذكورة في الاخبار كما هو ظاهر. (منه ـ قدسسره ـ).
(٢) قال بعض مشايخنا ـ رضوان الله عليهم ـ : أى كان عمل فقهاء الصحابة والتابعين الرخصة في الخلع أو في الأخذ منها زائدا على ما أعطيت بأقل من هذا النشوز وهذه الأقوال ، انتهى. (منه ـ قدسسره ـ).