«إِلّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ» أي ظاهرة : وقيل : فيه قولان (أحدهما) يعني إلا أن يزنين ، عن الحسن وأبي قلابة والسندي وقالوا : إذا اطلع منها على زينة فله أخذ الفدية. (والآخر) أن الفاحشة النشوز ، عن ابن عباس ، والأولى حمل الآية على كل معصية ، وهو المروي عن أبي جعفر عليهالسلام واختاره الطبري ، انتهى.
وليس في المقام غير هذه الرواية فيتعين الحمل عليها ، إلا أنه من المحتمل قريبا تفسير الفاحشة هنا أيضا بما دلت عليه تلك الأخبار المتقدمة من تلك الأقوال القبيحة التي إذا قالتها المرأة حل له ما أخذه منها وحل له خلعها ، ولكن هذا في الحقيقة يرجع إلى ما دل عليه الخبر المتقدم من أنها كل معصية ، فإنه أحد أفراد المعاصي فلا يكون خارجا عنه.
وبما ذكرنا يظهر لك ما في كلامه ـ قدسسره ـ من الإشكال ، فإن العمل في تفسير الآية وبناء الأحكام الشرعية على ذلك إنما هو على الأدلة الشرعية والحجج الواضحة الجلية ، لا على مجرد الأقوال ، ليرجح منها ما هو المتفق عليه من تلك الأقوال وإن عرت عن الاستدلال.
وأما ما ذكر من القول بأنها منسوخة فهو قول ذكره الشيخ في المبسوط وتبعه فيه بعض من تأخر عنه ، والظاهر أنه من أقوال العامة كما نبه عليه شيخنا في المسالك. (١)
قالوا : إن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى «الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ» (٢) وإنه كان قبل نزول الحدود للرجل أن يعضل الزانية لتفتدي
__________________
(١) قال ـ قدسسره ـ ونعم ما قال : واعلم أن القول الذي حكاه المصنف من كون الاية منسوخة تبع فيه الشيخ في المبسوط ، وهو قول بعض العامة ، وأما أصحابنا فلا يعرف ذلك لهم ولم ينقله أحد من الأصحاب عنهم ، ولكن الشيخ في المبسوط يحكى أقوالهم ويختار منها ما ترجح عنده ، وقد نقل القول بكونها منسوخة بقوله : وقيل وهو ضعيف المستند. انتهى. (منه ـ قدسسره ـ).
(٢) سورة النور ـ آية ٢.