لا يخرج عن أحدهما حسبما قدمنا تحقيقه في الموضع الرابع من المقام الأول في صيغة الخلع.
وما ذكره في المسالك هنا بناء على ما ذهب إليه من وجوده في مادة غيرهما حيث قال : ولو قيل بصحته مطلقا حيث لا يقصد به أحدهما كان وجها لعموم الأدلة قد قدمنا ما فيه مما يكشف عن بطلان باطنه وخافية.
الخامس : الظاهر أنه لا خلاف في أن جميع ما ذكر من الشروط المعتبرة في صحة الطلاق فإنها تعتبر في المبارأة أيضا ، وكذا ما يترتب على الخلع من البينونة بعد استكمال الشرائط فإنها تترتب على المبارأة كذلك ، وكذا ما تقدم من أنه ليس للزوج الرجوع إلا أن ترجع هي في البذل.
ومما يدل على البينونة بذلك الخبر السابع والثامن والعاشر ، وعلى الاشتراط بشروط الطلاق قول زرارة في الخبر الثامن وقوله عليهالسلام في الخبر التاسع ، وعلى رجوعه برجوعها الاشتراط المذكور في جملة منها.
بقي أن ظاهر هذه الأخبار إنما هو الرجوع في شيء مما أعطاها ، وهو ظاهر في الترتب على الرجوع في البعض ، وقد تقدم الكلام فيه ، وبينا أن الظاهر حمل «من» هنا على البيانية لا التبعيضية ، ولم أقف على من تعرض للكلام في ذلك إلا شيخنا في المسالك ، فقال هنا ـ زيادة على ما تقدم في الخلع ـ : وفي هذه الأخبار التي ذكرناها سابقا في المبارأة ما يدل على جواز رجوعه في الطلاق متى رجعت في شيء من البذل وإن لم يكن جميعه ، وقد تقدم ما فيه في الخلع ، انتهى.
أقول : مقتضى الوقوف على ظاهره هذه الأخبار المتفقة على هذه العبارات هو تخصيص الرجوع برجوعها في البعض خاصة ، إذ ليس سواها في الباب ، ولا قائل به ، بل ظاهرهم التخصيص بالجميع ، ولا مخرج عن هذا الإشكال إلا بما ذكرنا من حمل «من» على البيانية ، والظاهر أنه هو الذي فهمه الأصحاب ـ رحمة الله عليهم ـ من هذه العبارة ، والله العالم بحقائق أحكامه.