صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذا وقع الولد في بطن امه ـ إلى أن قال : ـ وجعل الله تعالى رزقه في ثدي امه أحدهما شرابه وفي الآخر طعامه» الخبر.
الحادي عشر : قال في الشرائع (١) : لو ادعى الأب وجود متبرعة وأنكرت الأم فالقول قول الأب ، لأنه قد يدفع عن نفسه وجوب الأجرة. على تردد. قال في المسالك (٢) : منشأ التردد من كون الام منكرة لما يدعيه من وجود المتبرعة ، والأصل عدمه ، فيكون القول قولها لأنه المدعي ، ولأن الحق ثابت لها وهو يدعي إسقاطه بوجود المتبرعة ، والأصل عدم سقوطه إلى أن يثبت ، ومما ذكره المصنف من أن الأم تدعي شغل ذمة الأب بالأجرة وهو ينفي ذلك عن نفسه ، والأصل براءة ذمته منها ، ولأنه يعسر عليه إقامة البينة على ما يقوله فيصدق بيمينه وهو قول الشيخ في المبسوط وهو الأشهر ، انتهى.
أقول : الظاهر أن الأنسب بقواعدهم والأقرب إلى ضوابطهم هو ما قرره الشارح أولا ، فإن مقتضى صورة النزاع التي فرضوها هو أن الأب ادعى وجود متبرعة والام أنكرت ، فالأب هو المدعي والام هي المنكرة ، فيجب العمل بمقتضى القاعدة المنصوصة فيهما كما في كل مدع ومنكر ، وقضية ذلك أن القول قول الام بيمينها ، وأما جعل الام مدعية ـ لأنها تدعي شغل ذمة الأب بالأجرة ، وهو منكر لأنه ينفي بذلك عن نفسه ـ وليس هو صورة الدعوى التي فرضوها ، وإنما ذلك من لوازمها على أنه لا معنى لدعوى الام شغل ذمة الأب بالأجرة قبل الرضاع ، لأن هذا النزاع إنما وقع في أول الأمر قبل دفع الولد إليها ، وقبل تعيين الأجرة بأمره ، ومرجعه إنما هو إلى دعوى شغل الذمة لو أرضعت بعد دفع الولد إليها.
وبالجملة فإن عد الام مدعية والأب منكرا بهذا التقريب الذي ذكروه
__________________
(١) شرائع الإسلام ص ٥٦٦ الطبعة الثالثة سنة ١٤٠٣ ه ، وفيه «لانه يدفع».
(٢) مسالك الافهام ج ١ ص ٥٨١.